وعلى الرغم من نجاح إسرائيل في اغتيال كبار قادة حزب الله وفي القتل المنهجي والتدمير وطرد بيئة المقاومة، إلا أنها لم تحقق على الأقل أهدافها الحربية المعلنة. مصادر دبلوماسية غربية تحدثت لـ«» عن أهداف خفية وغير معلنة تؤويها الحكومة المتطرفة في إسرائيل والعمل على تحقيقها على مراحل متوازية وتراكمية. المفتاح هو حرب طويلة الأمد ضد حزب الله لن تتوقف حتى تشل قدراته وحركته عبر ثلاثة محاور: الهجوم على رأس قيادته وبيئته، وحصاره والحد من توسعه الجغرافي والحيوي بالفصل. البقاع من الجنوب والحدود اللبنانية السورية.
ولهذا يرى نتنياهو، وربما صانع القرار الأميركي المتجسد في الدولة العميقة، أن الفرصة ثمينة وتاريخية ولن تتكرر لتوجيه ضربة قاصمة لحزب الله، معتبرا أنه رأس حربة المحور الإيراني في لبنان. لذلك، وفي ظل الظروف الداخلية والإقليمية والدولية المواتية، وخاصة الدعم الأميركي الغربي وتقارب الأهداف الأميركية ـ البريطانية ـ الإسرائيلية، فإن نتنياهو سيهاجم حزب الله، ويحدث تغييراً على مستوى الشرق الأوسط يخدم الاستراتيجية الأميركية. حرب واسعة النطاق ضد إيران وروسيا والصين. إن إعلان وزارة الدفاع الإسرائيلية عن تخصيص 530 مليون دولار لتسريع تطوير نظام الدفاع الجوي الليزري المعروف باسم “الشعاع الحديدي” على مدى عام لاعتراض عمليات نشر حزب الله بشكل أكثر فعالية هو دليل على أن إسرائيل تخطط لحرب طويلة الأمد.
تحذر مصادر مطلعة في «» من مخطط أميركي ـ إسرائيلي سيتم تنفيذه تدريجياً عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية، فيما تصاحبه حرب نفسية وإعلامية شرسة. عدوان 23 سبتمبر وقبله اغتيال رئيس أركان حزب الله فؤاد شكر، وتفجير جهازي “البيجر” و”الراديو”، والاعتداءات على قيادات “قوة الرضوان” أدت إلى اغتيال السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين ما هما إلا الحلقة الأولى من الخطة، وكل الأحداث التي تلتها من دمار وتهجير، تمهد للحلقات القادمة من المشروع، والتي ستظهر بعد أيام وأسابيع وربما أشهر، المتعلقة بتعطيل بيئة حزب الله. وعلى المقاومة أن تغير هويتها وبوصلتها، وتفجر قنبلة النازحين في الوقت المناسب، وتشعل الفوضى الداخلية، بعد أن تحرك كل المتفجرات المعروفة في الداخل، وأهمها ملف النازحين السوريين و الفلسطينيون مخيم.
ورغم أن إسرائيل تتلقى كافة أشكال الدعم الأمريكي الغربي، إلا أنها لعدة أسباب داخلية وعسكرية وسياسية واقتصادية واستراتيجية لم تعد قادرة على خوض حرب كل عام أو خمس سنوات أو حتى عشر سنوات، سيكون هناك حل نهائي وشامل. بما يتوافق مع شروط ورؤية الجبهة الشمالية، وبالتالي تغيير الواقع العسكري والسياسي في الجنوب لتوفير ضمانات حقيقية تشجع المستوطنين الشماليين على العودة.
لقد تجاوز حزب الله الهجمات والتشنجات، واستعاد توازنه القيادي والأمني، وتمكن من السيطرة على مفاصل الميدان من خلال سلسلة عمليات عالية القيمة هزت أركان حكومة تل أبيب. إلا أن إسرائيل لم تتلق ضربة قاتلة من حزب الله، الأمر الذي أخل بتوازنات الساحة وبالتالي المفاوضات لحملهما على إنهاء الحرب وخفض سقف شروطهما.
ومع تعيين الرئيس الأميركي جو بايدن «رئيساً بالإنابة» وغياب حكومة أميركية حقيقية وبالتالي قرار أميركي حاسم في مسألة حرب إسرائيل على لبنان وغزة، أُعطي نتنياهو الفرصة لاستكمال الهجوم على «حزب الله». “. وارتكاب المزيد من المجازر والتدمير والطرد للضغط على الموقف الحزبي والرسمي. ومن المتوقع أن تشهد الفترة ما بين موعد الانتخابات الأمريكية وتنصيب الرئيس الجديد وممارسة صلاحياته، جولات تصعيد أكبر وأكثر وحشية ودموية، حيث يحاول كل طرف تعزيز موقفه التفاوضي للإنفاذ بالنار، في حين أن وسيحاول حزب الله إفشال أهدافه بالثبات الميداني والعمليات المؤلمة. الحرب الإسرائيلية وتدهور الأوضاع في تل أبيب.
فهل يعني ذلك أن المشروع الأميركي الإسرائيلي سيتحقق؟
إن نجاح المشروع ونهاية الحرب في لبنان مرتبطان بثلاثة أمور:
الأول هو مدى صمود حزب الله على الأرض، ومنع تحقيق الأهداف العسكرية للعملية البرية للجيش الإسرائيلي، الذي يتوغل حتى في نهر الليطاني، وينفذ غارات جوية وعمليات إخلاء، ويخلق بيئة شيعية ولبنانية يضغط على المقاومة . إن الوقائع على الأرض تظهر أن حزب الله ينتصر على الجبهة الجنوبية بأكملها، وإعلانات غرفة عمليات المقاومة ووسائل الإعلام الإسرائيلية وتصريحات القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين، وخاصة خطاب نتنياهو حول “نحن ندفع الأثمان الباهظة” و”الجيش الإسرائيلي” تصريح لوزير الدفاع يوآف غالانت: لا، زيادة وتيرة العمليات النوعية. توفير مقاومة واسعة النطاق على الأرض وفي الهواء.
والسبب الثاني هو قدرة إسرائيل على تحمل تكاليف الحرب، حيث قتل جيشها مئات الضباط والجنود ودمر عشرات الدبابات والطائرات في الحرب البرية مع حزب الله، حتى لو استمرت إسرائيل في الحرب طالما أنها تتحمل الثمن. التكاليف والدعم الأمريكي، ونسبة الضحايا في الجيش، والهجرة الجماعية والتاريخية للمستوطنين والشلل الاقتصادي والاجتماعي في مستوطنات ومدن الشمال حتى تل أبيب ستنخفض، ويمكن أن تخلق دولة سياسية جديدة والمناخ العام يتسارع في دفع إسرائيل لإنهاء الحرب.
– ثالثاً، تعتبر هوية الرئيس الأميركي الجديد وإدارته الجديدة وتوجههما عاملاً مؤثراً في مسار الحرب، في ضوء رؤيتين تلخصان قراءة الخبراء في الشأن الأميركي: إحداهما تؤكد أن الحكومة الجديدة، مهما كانت هويتها، ستعمل على وقف الحرب قبل نهاية العام لمنعها من أن تتحول إلى حرب شاملة تهدد منظومة المصالح الأميركية الغربية في المنطقة، ويشير آخرون، إلى أن دعم إسرائيل هو ثابت أميركي. بغض النظر عن الرئيس، في ظل رغبة الولايات المتحدة في إعادة تشكيل المشهد العسكري والسياسي في المنطقة بما يتناسب مع رؤيتها ومصالحها.