من الآن وصاعداً: معايير أميركية موحّدة لغزة ولبنان

admin21 يناير 2025آخر تحديث :

عندما اتصل الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام، وتحديداً السبت الماضي، ليقول له عشية موعد وقف إطلاق النار في غزة: «الحرب في غزة انتهت، وكل ما عليك فعله هو أن تفعل شيئاً ما». “افعل ما يطلب منك اليوم”، ومن المتوقع أن يكرر الرئيس الأمريكي الجديد. دونالد ترامب الجديد، في مكالمته الهاتفية المنتظرة مع نتنياهو عشية انتهاء مهلة الستين يوما للانسحاب من الجنوب، سيقول له: «الحرب في لبنان انتهت أيضا، وكل ما عليك فعله». “افعل ما هو مطلوب منك اليوم.” فماذا يعني هذا الانسجام بين القسمين والرجلين؟

وبهذه المعادلة البسيطة، أعربت جهات دبلوماسية وسياسية مطلعة عن اعتقادها، للمرة الأولى، أن رؤى الديمقراطيين وهم يغادرون البيت الأبيض وجميع الموظفين الدبلوماسيين والسياسيين والعسكريين الذين رافقوا بايدن لمدة أربع سنوات، تتفق مع تلك الرؤى، وهو ما عبر عنه عاد الجمهوريون بعد انقطاع دام أربع سنوات أعد فيه زعيمهم عودة ترامب المظفرة إليه، وكأنه لم يتركه إلا بالأمس في مهرب لم يستمر أكثر من أربع سنوات ليستمر. ما بدأه في الولاية الأولى، خاصة في منطقة غير مستقرة مثل الشرق الأوسط، سئمت سلسلة الحروب المتجددة على مدى عقد أو عقدين كحد أقصى، تلاشت من جولة إلى أخرى.

وعلى هذه الخلفية، تضيف هذه المذكرات أن التقارب بين الإدارات الديمقراطية و حول ما يجري في المنطقة يؤكد وجود ما يسمى بـ”الإدارة العميقة” في واشنطن، وهو أمر لا يستطيع أي شاغل للبيت الأبيض أن يفعله، بل يترجم سواء كانت هذه الخطة تتطلب الحرب أو الغوص بحثاً عن السلام، لأن المهم أن يؤدي أي منهما إلى نفس النتيجة.

وتضيف هذه الدلائل أن الولايات المتحدة أرادت منذ عقد من الزمن تقليص النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي وإعادته إلى حدوده الجغرافية المعترف بها دوليا، مهما كانت التكلفة على أي طرف من أطراف الصراع. وماذا لو كان الثمن الذي تدفعه الولايات المتحدة الملتزمة بأمن إسرائيل وحلفائها في المنطقة وصولاً إلى دول الخليج العربي، باهظاً؟ وخاصة ما يتعلق بهيبته العسكرية التي لا يريد أن ينافسه أحد في دائرة نفوذه، ويتفوق بفارق كبير على كل دول العالم، التي لا يمكن أن يعادلها أو يتفوق عليها أي طرف آخر مهما بلغت قوته. وهي على مختلف المجالات على المستوى العسكري والدبلوماسي وكذلك على المستوى الاقتصادي والتجاري.

وبناء على هذه المعادلة التي رسمتها الحكومة العميقة في واشنطن، كان من الواضح أن أي رئيس أميركي، بغض النظر عن انتمائه الحزبي للحزبين الرئيسيين، لن يكون أمامه إلا العمل على تحقيق ذلك من خلال الآليات المعتمدة في ظل القانون المتاح. لأن المهم هو تحقيق النتيجة الحتمية. العثور على دليل على ذلك ليس بالأمر الصعب للغاية. إن تنفيذ القرار الذي اتخذه ترامب عام 2018 بتجميد تنفيذ الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة “5+1” لم يكن لينفذ وأهدافه لولا الحرب التي قدمت له على “طبق من ذهب”. تم تحقيقه. وكان من الممكن تطويق تبعات عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة وقلب الدولة العبرية واستيعابها بسرعة قياسية لا تتجاوز بضع ساعات على الأكثر. وهذا هو الوقت الذي أجبرت فيه إسرائيل من اخترق حدود قطاع غزة وعمقه الآمن (حتى 20 كيلومتراً) على نحو يعرض أمن الجبهة الداخلية التي كانت تتباهى بها إسرائيل بعمقها الآمن للخطر. ألم يكن حزب الله سيواجههم بحرب «تلهي ودعم» كانت ستفقد شمال إسرائيل وعمقه؟ إن الأمن والسلام الذي يتمتع به المستوطنون في الجليل الأعلى وفي الساحل الشمالي منذ تأسيسها عام 1948، امتد بسلسلة الحروب التي خاضتها في لبنان، والتي لم تمس الأراضي الفلسطينية المحتلة كما حدث العام الماضي.

وتقول المصادر نفسها إن الأحداث التي شهدتها شمال ووسط وجنوب إسرائيل، والتي تعرضت لصواريخ بعيدة المدى، وفرت أفضل الظروف لاتخاذ القرار الكبير بوقف تسليح إيران في المنطقة، والذي احتجزه الحرس الثوري الإيراني لمدة طويلة. وقد تم بناؤه منذ أكثر من 40 عاماً في عدد من دول المنطقة، لا سيما في لبنان وسوريا، وخارجها في العراق شرقاً واليمن جنوباً، وصولاً إلى الحدود الجغرافية لإيران.

ومع ذلك، لا تزال المصادر نفسها تقول إن الوقت قد حان للحكومة الأميركية العميقة، التي تستطيع السيطرة على قرارات البيت الأبيض، بغض النظر عما إذا كان شاغله ديمقراطياً أو جمهورياً، أن تنفذ ما تريد أن تفعله المنطقة. بمعنى خريطة جديدة تشمل كل دولها، بما في ذلك إسرائيل التي ضمتها قبل سنوات قليلة، ضمن نطاق منطقة أمريكا الوسطى للجيش الأميركي، وحان الوقت لضم لبنان إليها، وأن ذلك الأخير مجموعة من الحروب في المنطقة انتهت بما فيها الحروب الفاصلة. شهدتها الضفة الغربية وغزة في العقد الماضي.

وبناء على ما سبق، تستنتج المراجع أن على الجميع أن يعي أن أحداث الأشهر الأخيرة وضعت المنطقة تحت المراقبة الأميركية المشددة، وأن إسرائيل كباقي الأطراف المتعارضة تتخلى عن أطماعها وما عليها. انتظروا أن تعطي الولايات المتحدة الضوء الأخضر وتلتزم بما وعدت به واشنطن منذ ذلك الحين. وتم ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في انتظار الاتفاقات الأخيرة لفرض الهدوء على الحدود البرية. وقالت إن الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة محظور وممنوع أيضا في جنوب لبنان. كل ما على تل أبيب أو غيرها هو الخضوع لقرارات الحكومة الأمريكية، بغض النظر عن هويتها، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، وفق معايير موحدة تنطبق على الجميع. سيحدث هذا ضمن المواعيد النهائية المحددة في واشنطن. فلا في تل أبيب ولا في ضاحية بيروت الجنوبية، كما يظن البعض، ولا في أي عاصمة أخرى، تقع المنطقة بكل مكوناتها تحت رعاية أميركية مباشرة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة