| نحو إنماء القطاع العقاري؟

admin20 يناير 2025آخر تحديث :

بعد نحو 5 سنوات من أكبر أزمة مالية ونقدية في تاريخ العالم، بحسب تصنيفات البنك وصندوق النقد الدولي، هناك بعض قطاعات الاقتصاد استطاعت الصمود في وجه الأزمة وإعادة هيكلة نفسها داخليا والنمو من جديد. ب. في القطاعات السياحية والصناعية والتجارية. ولا يزال القطاع العقاري يجد نفسه في عين العاصفة.

ونشير إلى أن القطاع العقاري في لبنان كان تاريخياً العمود الفقري للاقتصاد اللبناني وأن تطوره يرتبط بأكثر من 17 قطاعاً مهماً ويلعب دوراً مهماً في الناتج المحلي والتنمية الاقتصادية.

ومع بداية الأزمة الاقتصادية نهاية 2019، سارع قسم من المودعين إلى الاستثمار في القطاع العقاري باستخدام الشيكات، فيما سارع أصحاب الديون في هذا القطاع أيضاً إلى قبول هذه العمليات لسداد ديونهم المتزايدة أسعار العقارات بسبب الشيكات المصرفية، لكن في الواقع كانت… هذه الزيادة خيالية، لأنه لأول مرة في تاريخ لبنان يخسر السوق والقطاع العقاري أكثر من 50% من قيمتهما الحقيقية.

وبمرور الوقت، ارتفعت أسعار بعض العقارات في المواقع الرئيسية بشكل طفيف مرة أخرى، لكننا لا نزال بعيدين عن أسعار 2018-2019. فلماذا لم ينتعش القطاع العقاري؟ وما هي العوامل التي تعيده إلى سنوات مجده الذهبية؟

هناك ثلاثة عوامل وشروط أساسية لإعادة تأهيل هذا القطاع المهم:

العامل الأول والأهم يرتبط ارتباطاً مباشراً بالثقة، أي انهيار الثقة إثر الفراغ الدستوري والانقسامات والأحداث الأمنية والحرب الأخيرة، فضلاً عن هدر الأموال العامة وسرقة الودائع. فبدون الثقة لا يوجد استثمار ثقة، حتى في الأرض والحجر. وبعد موجة التفاؤل الحذر التي نعيشها اليوم، هناك فرصة فريدة لاستعادة الثقة وتنمية هذا القطاع.

أما العامل الثاني فيرتبط بشكل مباشر بالقطاع المصرفي الذي يلعب دورا هاما وفعالا في تأهيل القطاع العقاري. ويقوم القطاع المالي بتمويل المشاريع والإعمار والاستثمارات، فضلا عن تمويل المواد الأولية والمشتريات والمبيعات، وسيكون من المستحيل إعادة تطوير القطاع العقاري دون وجود قطاع مصرفي يعيد تمويل تطويره ومشاريعه.

أما العامل الثالث فيرتبط بشكل مباشر بمؤسسات الدولة الرسمية، وخاصة دوائر العقارات. وبدون مؤسسات ترخيص المشاريع وتسجيل معاملات البيع والشراء وحماية حقوق البائعين والمشترين، فإنه من الصعب جداً استعادة عملية العرض والطلب لمواصلة تطوير هذا القطاع العقاري المهم.

في الختام، بعد تراجع بنسبة 50% تقريباً، يشهد القطاع العقاري الآن نمواً متواضعاً في بعض المجالات، لكنه لا يزال بعيداً عن أيامه الذهبية والمشاركة في التنمية الاقتصادية. ولاستعادة تنمية هذا القطاع الحيوي، لا بد من استعادة الثقة، وإعادة بناء القطاع المصرفي، وإعادة تشغيل الدوائر العقارية والمؤسسات الحكومية خالية من الفساد والرشوة.

ونظراً لأجواء التفاؤل والإيجابية التي نعيشها اليوم، فإن هناك فرصة فريدة لإعادة تطوير هذا القطاع وجذب المستثمرين الداخليين والخارجيين وبالتالي تطوير كافة القطاعات المرتبطة به لتنشيط الاقتصاد الوطني. وهذا يذكرنا بالمقولة الفرنسية الشهيرة: “عندما يزدهر قطاع البناء، يزدهر كل شيء”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة