تتباين الروايات حول تفاصيل ليلة إقالة نجيب ميقاتي. نام على وسادة مع ضمان العودة إلى السراجلي الكبير، واستيقظ على كابوس الإبعاد من هناك لصالح سلام.
بالنسبة لـ«الثنائي» لا مجال للغموض أو التفسير لما يحدث. وهو انقلاب على اتفاق سابق على رئاسة الحكومة، وهذا الاتفاق الفرعي كان جزءاً عضوياً من الاتفاق الأساسي لانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية. وبالتالي فإن حركتي «حزب الله» و«أمل» تشعران بأنهما تتعرضان لعملية خداع أو «سر خفي» يهدف إلى إقصاء المكون الشيعي من معادلة اختيار رئيس الوزراء ومبادرة حسن النية لـ« قتل”. وأظهر ذلك من خلال التصويت للعماد جوزاف عون في الجولة الثانية من ولايته الانتخابية.
وبرأيه فإن الرسالة التي ينبغي إيصالها إلى «الثنائي» واضحة ومضمونها: «لقد خسرتم الحرب مع إسرائيل والحرب في سوريا، وسيتم التعامل معكم في كل الأمور على هذا الأساس». ترجمة لتوازن القوى الجديد”.
وبالطبع حاول الحزب والتيار التعامل مع الواقع الجديد بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس والسيطرة على الغضب العنيف الذي اجتاحهما، لكنهما في الوقت نفسه أرسلا إشارات واضحة من قلب قصر بعبدا حول مخاطر “كمين”. “التي تم إعدادها لهم وتداعياتها المستقبلية.
أما القصة الأخرى لعملية «الهبوط السياسي» المفاجئة التي جرت خلف خطوط «الثنائي» وميقاتي، فينكر أصحابها نظرية المؤامرة وينفون أي دور خارجي، سواء السعودية أو أميركا، في قلب البلاد. المعادلة تعيين رئيس الوزراء، على اعتبار أن اللعبة كانت داخلية وديمقراطية من البداية إلى النهاية. فهو قام على تقاطعات بين مجموعة كتل نسجت خيوطها بعناية، ما فاجأ «الثنائي» وأتاح لسلام الفوز بأغلبية 84 صوتاً واحداً.
وبغض النظر عن أي القصتين أدق، فإن الكرة الآن في ملعب رئيسي والحكومة الجديدين، اللذين يجب عليهما إصلاح ما «أفسده» الخطأ القانوني نتيجة المشاورات الملزمة في مجلس النواب. روح محاولة واضحة لبناء فريق داخلي للعزل أو التهميش بحيث أصبح من الضروري للتأليف أن يشفي “الجرح الذي سببته اللجنة”. من المؤكد أن رئيس جوزف عون له الاهتمام الأكبر بإنقاذ بداية عهده، التي عُلّقت عليها آمال كبيرة، من مأزق سياسي وطني سيعرّض زخم البدايات ورونق الانتخابات للخطر.
كذلك، فإن لرئيس الوزراء المكلف نواف سلام الاهتمام الأكبر بحماية حكومته الأولى من خطر الإصابة بمرض “نقص المناعة” السياسي الناجم عن اختلال التوازن الداخلي، لافتاً إلى أن أول ظهور رسمي له في قصر بعبدا عكس تفهمه. لحساسية الواقع اللبناني وحساسية تركيبته، مؤكدا أنه لا ينتمي إلى أهل الإقصاء والإبعاد، بل إلى شعب الوحدة الوطنية والوطنية. الشراكة، وهي تمتد إلى «الثنائية» بدلاً من يد واحدة، يدان معاً للإنقاذ والإصلاح وإعادة الإعمار.
ويبقى العبرة في التنفيذ، وبمعنى أوسع: إذا كان المهم لسلام أن يصافح «الثنائي»، فالأهم هو ما سيحضرانه إذا بدأت المفاوضات بين الجانبين غير ملزمة. نصيحة المؤلف وبعد ذلك.
ويكشف مطلعون أن سلام سبق أن بعث برسائل إيجابية إلى حزب الله أبدى فيها استعداده للتعاون عندما طرح اسمه لرئاسة . وهذا يعني أن الأبواب بينهما لم تكن مغلقة أصلا، لكن طريقة تكليف سلام لتشكيل الحكومة هي أساس الأزمة الحالية، ومن المتوقع أن يتعامل رئيس الوزراء المكلف مع تداعياتها كقاضي قبل أن يصبح يصبح رئيس الوزراء.
وفي حين أنه ليس من مسؤولية عون أو سلام أن تسمية الرئيس المنتخب تمت بهذه الطريقة، فالأول يعد الأصوات والثاني يحصل على النتيجة، لكن مسؤوليتهما هي معالجة المخاوف الملحة وضمان تشكيل الحكومة. الحكومة مع الأخذ بعين الاعتبار الموازنات. هل يجتازون هذا الاختبار؟