ومعلوم أن المراكز العسكرية في منطقة البقاع التي تحتلها بعض الفصائل الفلسطينية منذ عام 1982، أثارت توتراً سياسياً في لبنان بين من دعا إلى حلها ووقف وجودها، ومن دعا إلى الحذر في تناول هذه القضية وكان قرار سحب السلاح الفلسطيني إلى خارج المخيمات قد اتخذ على طاولة الحوار الوطني عام 2006، لكنه لم ينفذ منذ ذلك الحين.
لكن، منذ فترة، سجل خرق إيجابي ملحوظ في هذا الملف، عندما تم الاتفاق بين مديرية المخابرات في الجيش ومسؤولي «القيادة العامة» على أن يبادر الأخير إلى إعادة الأراضي التي صادرها في منطقة الناعمة إلى صاحبها اللبناني. ، وهذا ما حدث بالفعل في الموقع. وكان ذلك حافزاً للطرفين لمواصلة الجهود المشتركة لمعالجة أوضاع “الجزر المسلحة” المنتشرة في عدة أماكن، حيث لم تعد هذه “الجزر” تلعب أي دور في مسار الصراع مع العدو الإسرائيلي و لا تأثير له، بل أصبح عبئاً على المناطق التي يتمركز فيها وعلى الدولة اللبنانية برمتها.
وانطلاقاً من النجاحات الأولية التي تحققت في الناعمة والمؤشرات الجديدة التي طرحتها، استمر التواصل بين اليرزة والفصائل الفلسطينية المعنية بعيداً عن الأضواء لتطوير نموذج الناعمة واستكمال تنفيذ النقطة المعتمدة في الحوار الوطني والمتعلقة بنزع السلاح الفلسطيني. خارج المخيمات.
وبما أنه اتضح خلال المداولات والنقاشات أن هناك اتجاهاً لدى بعض الأوساط الفلسطينية لم يكن متحمساً جداً لتوسيع نطاق تجربة الناعمة، بدا الفريق المرن والمستجيب أوسع وأكثر فعالية وقرر التعميم للموافقة سُلمت التجربة إلى البقاع لأنه اقتنع بأن الظروف الموضوعية والذاتية قد تغيرت وأن هناك عزيمة «جبهة». اللجنة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة”، مشيرة إلى أنه مكان مهم ومعروف، لذلك يرتبط اسمه بظاهرة انتشار السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.
وقبل هذا التطور النوعي، سيطر الجيش على مركزي السلطان يعقوب في البقاع الغربي وهشموش الواقعين بين مدينتي قوسايا ودير الغزال في البقاع الأوسط، والجبيلة في سهل برلياس- كفرز آباد. وكانت جميعها تحت سيطرة “القيادة العامة”. كما استولى على مخيم الحلوة في راشيا الذي احتله تنظيم فتح الانتفاضة.
ورغم أن الجيش تمكن من مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وكذلك المعدات العسكرية الموجودة في تلك المواقع، إلا أن المعلومات أشارت إلى أن بعض الأسلحة المضبوطة كانت قديمة جداً وصدئة لدرجة أنها لم تعد صالحة للاستخدام ويرى أن المواقع الفلسطينية خارج المخيمات أصبحت عاطلة عن العمل ولا فائدة منها، بينما يغادر عناصر بملابس مدنية إلى المخيمات أو المراكز السياسية للتنظيم الذي ينتمون إليه.
ومن المعروف أن الاتصالات مستمرة خلف الكواليس لإغلاق الموقع حول “نفق الناعمة” الذي لا يزال يتواجد فيه عدد من العناصر المسلحة، ومن المرجح أن يسيطر عليه الجيش خلال 48 أو 72 ساعة.
أما عن الأهمية السياسية لهذه التطورات، فربطها البعض بإسقاط نظام بشار الأسد وقطع “تدفق الأوكسجين” عن قواعد الفصائل الفلسطينية المتحالفة معه في البقاع، فيما وضعها البعض الآخر في خانة الدلالة السياسية. وفي سياق التنفيذ عرض اتفاق وقف إطلاق النار مع الكيان الإسرائيلي استناداً إلى القرار 1701 بكل ما يترتب عليه من آثار.
ورغم أن توقيت إخلاء هذه المواقع يشير إلى أن الأمر مرتبط بالتحولات السورية وتأثير ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، إلا أن مصادر رسمية مطلعة على التفاصيل تشير إلى أن المفاوضات بين المخابرات العسكرية و”الجبهة الشعبية” وكانت “القيادة العامة” قد اتخذت وحركة “فتح الانتفاضة” إنهاء وجودها العسكري خارج المخيمات، إلا أن الأمر بدأ قبل التطورات الأخيرة في لبنان وسوريا، وحتى الانسحاب من موقع الحلوة في راشيا اكتملت عشية سقوط النظام السوري، وكذلك الحال. وفيما يتعلق بتسليم أرض الناعمة الذي تم منذ فترة طويلة وفتح الباب لبناء الثقة وتطوير منطقة المعاهدة.
وتؤكد المصادر أن التعامل مع السلاح خارج المخيمات سيتم وفق قرار سياسي متفق عليه وإجماع عام يرتكز بالدرجة الأولى على مقررات الحوار، رغم تأثير انهيار سلطة بشار الأسد على تسارع الصراع. ولا يمكن تجاهل تسليم المواقع الفلسطينية التي تم التفاوض عليها مع الجيش.