وبينما كان الكثيرون يتوقعون إعلان فرنجية انسحابه من حملة الانتخابات الرئاسية لصالح قائد الجيش العماد جوزاف عون أو النائب فريد الخازن، فإن ظهوره جاء في سياق مختلف تماماً بعد أن أكد الرجل استمرار ترشيحه ما لم يتم التوصل إلى اتفاق. تم التوصل إلى شخصية متوازنة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة والمستقبل ولذلك تستحق الانسحاب منها.
ومن خلال مقاربته لمواصفات الرئيس المقبل ومعايير التوافق المقبول، بدا وكأن فرنجية قد ألقى حجراً في المياه الراكدة، وأوصل النقاش حول السجل الرئاسي إلى مستوى مختلف عن السائد.
وكان واضحاً أن حجم الأحداث الأخيرة في لبنان وسوريا كان له تأثير كبير على تفكير فرنجية، فهو يرى أن إدارة التغييرات الهائلة الآن تتطلب رئيساً من الوزن الثقيل وليس رئيساً من وزن الريشة، خاصة وأن رياحاً إضافية قد تهب على لبنان والمنطقة. لاحقاً.
فرنجية على قناعة بأنه بعد استشهاد السيد حسن نصر الله وانهيار النظام في سوريا، لا يجوز الاستمرار في ممارسة السياسة وطلب المطالبات وفق قواعد سابقة وعفا عليها الزمن، حتى لو كان ذلك ينطوي على خطر الانهيار المجهول وغير المعروف. يقترح خيارات غير عادية، وهو قادر على إيجاد طرق مبتكرة في الداخل ومواكبة التغيرات الجيوسياسية في الخارج.
ورغم أن خيار التوافق يثير مشاعر البعض، لا سيما أنه يسمح بأوسع تجمع وطني حول الرئيس المحتمل، إلا أن فرنجية يخشى أن يكون الرئيس التوافقي التقليدي ضعيفاً ومهملاً لأنه يحتاج باستمرار إلى موافقة الجميع ليصبح قادراً. ليحكم، وسيصل إلى قصر بعبدا وعليه ديون ومستحقات سياسية للقوى التي دعمته. لذلك، سيقضي مدته في دفع ثمنها مع “المنافع” و”الأضرار”.
وبهذا المعنى، أراد فرنجية إيصال رسالة مفادها أن أولوية التوافق لا ينبغي أن تبرر قبول رئيس، وأن المرشح الذي يستطيع أن يجمع حوله أكبر عدد من الأصوات النيابية ليس بالضرورة الأفضل دائماً، بل ربما سيكون الأضعف. .
ورغم أن فرنجية أبدى في البداية استعداده للانسحاب من الحملة الرئاسية، إلا أنه ترك المجال لاحتمال حدوث مفاجأة لبعبدا بإعلانه استمراره الحالي في الترشح، إذا لم يكن ذلك ممكنا بسبب المتغيرات المحلية والإقليمية في ظروف معينة. فهو يرفض السماح بانسحابه مجاناً، بل يعلقه على “بثمن باهظ”، وهو الإجماع السابق على اسم يقول “القدر والقدر”.
المؤكد أن رئيس «المردة» تمكن، بتمديد صلاحية ترشيحه حتى إشعار آخر، من تحسين موقفه التفاوضي مع الحلفاء أو المعارضين مقارنة بالاسم البديل، لا سيما أن استعداده للتخلي عن ترشيحه يعزز موقفه. دوره كشريك في انتخاب الرئيس المقبل.
ورغم أن فرنجية لم يتطرق بشكل مباشر إلى الأسماء التي يمكن اعتبارها وفق معاييره لتولي الرئاسة، إلا أن المراقبين يفترضون أنه سيغلق بشكل أو بآخر الباب أمام جوزيف عون وحتى الشخصيات الأخرى التي عارضته، وتركها مفتوحة في وجهها. السياسية، ولكنها تلبي معايير التعامل مع متطلبات المرحلة الجديدة. وبحسب مقاربة بنشعي، ليس من الصحيح مواجهتهم بأدوات قديمة.
ويبقى أن إحدى المفارقات التي أشار إليها المتحمسون لفرنجية هي أنه، رغم الأثمان التي دفعها بسبب عضويته في «المحور» والأعباء التي ترتبت عليه، أصبح الرجل أحياناً رأس الحربة في المعارك السياسية والاستراتيجية، « “المحور” لم يتمكن من الحديث عن هذا الخط في ذروته. وقوته لا تقوده الآن إلى رئاسة .