بين تداعيات الحرب وأجواء الأعياد: إلى أين يتّجه لبنان؟

admin14 ديسمبر 2024آخر تحديث :

وأشار سلام إلى أن لبنان يواجه تحديات كبيرة ومسؤوليات كبيرة، لا سيما في ظل الظروف الإقليمية والعربية المحيطة به والتي تختلف تماما عن ظروف عام 2006.

ويثير هذا الوضع التساؤل حول ما هي الدول المستعدة لدعم إعادة إعمار المناطق اللبنانية المتضررة. وأفاد تقرير آخر أن الحرب تسببت في انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبنان بنسبة 9% في عام 2024، وقدرت خسائر البنية التحتية بنحو 3.6 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، هناك تراجع كبير في قطاع السياحة بنسبة 90%.

كما أشار التقرير إلى أن الخسائر شملت البطالة التي تؤثر الآن على 32% من النازحين، أي مليون شخص. وتقدر الخسائر بحوالي 3 إلى 5 مليارات دولار بسبب حجم الدمار الذي أحدثته الحرب في البنية التحتية.

ومن الواضح أن تأثير هذه الحرب على الاقتصاد اللبناني سيكون أكبر بكثير من سابقاتها، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ عام 2019.

وبحسب المادة 93 من قانون النقد والتسليف، يحق لمصرف لبنان منح القروض للدولة عندما تكون غير قادرة على توليد الإيرادات. لكن المودعين يعتقدون أن احتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي البالغة نحو 10.3 مليار دولار هي ملك لهم بعد مصادرة أموالهم بسبب سوء إدارة الطبقة الحاكمة للأزمات الاقتصادية.

وفي هذا السياق، يبقى الحل الأساسي هو انتظار المساعدات الخارجية لتغطية الخسائر، ما يطرح التساؤل حول مدى استعداد الدول الأجنبية والعربية لتقديم المنح أو القروض، في ظل فقدان الثقة بالحكومة اللبنانية التي فشلت في حل الأزمة. وإجراء الإصلاحات اللازمة لطمأنة المانحين.

ورغم ذلك أبدت إيران استعدادها لتقديم الدعم المالي، إلا أن العقوبات الأميركية المفروضة عليها تحد من إمكانية قبول المساعدة من الجانب الإيراني، وهو ما يشكل اختبارا حقيقيا وصعبا للحكومة كونها تخضع لإشراف أميركي صارم.

العطلات في الأسواق المحلية

على المستوى الاجتماعي، ورغم الحركة الاستهلاكية الطفيفة وضعف النشاط الشرائي، استعدت الأسواق اللبنانية لاستقبال الأعياد، إذ واجهت العديد من العائلات صعوبات اقتصادية بسبب الأزمة والحرب، ما دفع العائلات إلى التركيز على تأمين احتياجاتها الأساسية.

وفي الأشرفية، أضاءت جمعية لبنان الغد شجرة العيد في 7 كانون الأول، إضافة إلى افتتاح الأسواق في موعدها السنوي التقليدي.

وفي بعبدا افتتح سوق الميلاد أمس ويستمر لمدة ثلاثة أيام حتى 15 كانون الأول، فيما تحتضن الساحة الخلفية في الحازمية سوق الميلاد السنوي من 11 إلى 25 كانون الأول الذي يتضمن أنشطة ترفيهية وعروضاً فنية مع شخصيات كرتونية شهيرة.

مع اقتراب موسم العطلات، يظهر قطاع السياحة في لبنان تحسنا ملحوظا بعد إعلان وقف إطلاق النار حيث بدأت شركات الطيران في استئناف رحلاتها تدريجيا وسجلت حجوزات السفر زيادة كبيرة.

ويبعث هذا التحسن برسالة إيجابية في وقت حرج حيث يعتمد لبنان بشكل كبير على السياحة كمصدر رئيسي للدخل خلال موسم العطلات، مع تدفق السياح والمغتربين إلى البلاد بعد انخفاض أعداد السياح بشكل كبير بسبب الحرب.

وعلى الرغم من هذا التحسن في أعداد الوافدين بعد اتفاق وقف إطلاق النار، لا يزال قطاع السياحة يواجه تحديات كبيرة. وسجل عدد الوافدين انخفاضا بنسبة 5% في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، فيما ارتفع عدد المغادرين بنسبة 7%.

كما ارتفع عدد الوافدين بعد وقف إطلاق النار من 2500 وافد يوميا إلى 4000 وافد، مما يدل على بداية التحسن التدريجي في السياحة.

ومع ذلك، لم تساهم السياحة بشكل كافٍ في الدورة الاقتصادية هذا العام، حيث انخفضت إيرادات القطاع إلى 2 مليار دولار فقط من 4 مليارات دولار العام الماضي، مما يعكس مدى الضرر الذي لحق بالقطاع. ومن المتوقع أن يساهم موسم العطلات في انتعاش صناعة الفنادق والمطاعم.

وبينما يمر لبنان بأصعب فتراته الاقتصادية بسبب تأثير الحرب والأزمات الطويلة الأمد التي سبقتها، بالإضافة إلى الاعتماد المفرط على الأموال الأجنبية وتفاقم أزمة الودائع، تواجه الحكومة عدة عقبات مع قدرتها المحدودة على اتخاذ قرارات حاسمة.

مع بدء موسم الأعياد، الذي يترافق عادة مع توافد المغتربين والسياح وزيادة التحويلات المالية إلى لبنان، يطرح السؤال: هل ستكون هذه التحويلات وزيادة الإنفاق في العطلات كافية للتخفيف من الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها لبنان؟ ؟ دولة؟

ويمكن لموسم العطلات أن يوفر دفعة مؤقتة للاقتصاد المحلي من خلال زيادة نشاط السوق وقطاع السياحة وتحسين بعض المؤشرات الاقتصادية قصيرة المدى. لكن الاعتماد على هذه الديناميكية قد لا يكون كافياً لمعالجة الأزمات البنيوية من دون خطة إصلاحية شاملة.

ومن الواضح أن الأعياد ما هي إلا فترة مؤقتة وأصبح من الضروري إجراء تغييرات وإصلاحات كبيرة. سؤال آخر يطرح نفسه حول كيفية تعامل الدولة اللبنانية مع المرحلة المقبلة: هل ستستمر الدولة على النهج نفسه الذي أدى إلى إدراج لبنان على “القائمة الرمادية” ومع التحديات الإضافية التي يفرضها ذلك على العلاقات الدولية والتنمية؟ يساعد؟ ؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة