بعد نحو شهر ونصف من بدء العملية البرية الإسرائيلية في لبنان، في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2024، لا تزال قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي متمركزة على بعد عشرات الأمتار من الحدود الشمالية للدولة العبرية.
وعلى الرغم من الحملات الدعائية التي يقوم بها جيش العدو، بما في ذلك تصوير جنوده في أطراف المدن اللبنانية وفي أحيائها، حيث تم تنفيذ هذه التصويرات داخل إسرائيل لرفع الروح المعنوية، إلا أن الدبابات مع جنودها تراجعت إلى المنطقة.
ورغم كل هذا وبعد الخسائر الفادحة لجيش العدو وجنوده والتي أسفرت عن مقتل الكثير منهم وتدمير أكثر من 40 دبابة ميركافا، فإن هذه الدبابة هي مفخرة الصناعة العسكرية الإسرائيلية في الشمال ولوحظ في الجبهة أن جنود الاحتياط غير راغبين في الانضمام إلى وحداتهم القتالية.
ونشر العدو أكثر من ستة فرق قتالية على الجبهة الشمالية، تضم نحو 50 ألف جندي، ولم تتمكن جميع هذه الفرق، رغم غطاءها الجوي وأسطولها البحري غير المسبوق، من احتلال بعض مدن جنوب لبنان، وألحقت أضراراً مدمرة بالبنية التحتية المدنية واقتصر الأمر على الدمار الذي لم تشهده أوروبا نفسها خلال الحرب العالمية الثانية، وأدى إلى التهجير الممنهج لأكثر من مليون وأربعمائة ألف مواطن لبناني.
أهداف قديمة، خطط جديدة
فشلت المخططات العسكرية للعدو الصهيوني في اختراق الخطوط الأمامية، رغم مشاركة جنرالات الجيش الأمريكي، وخاصة القيادة المركزية التي تشرف على العمليات العسكرية بحجة التنسيق مع الجيش الإسرائيلي والدفاع عن الكيان الصهيوني. وهو ما دفع قيادة جيش العدو إلى وضع خطط جديدة لعمليات الاختراق الأرضي، والتي قد تتضمن رؤية جديدة للعمليات ونطاقها الجغرافي لحفظ ماء الوجه أمام العدو المحصور جيش لا يقهر وخسرانه، وهو ما اشتهرت به بقدرتها على المفاجأة. لقد انكشفت كافة العمليات، وفي كثير من الأحيان هناك استرجاع للسيناريوهات والخطط العسكرية لجيش الاحتلال خلال حرب 2006، وكان يرى أن العدو يريد الانتقام من الإخفاقات التي حصلت له خلال تلك الحرب. فهو لا يريد استعادة معارك وادي الحجير حيث دمرت دبابات الميركافا وانقلبت. ولا يريد استعادة معارك مارون الراس وبنت جبيل والخيام.
لذلك، يتهرب الجيش الإسرائيلي من مخاطر التقدم، وكأن عقدة حرب 2006 تسيطر على أدائه بالكامل. وعكست هذه الحرب الاستراتيجية الإسرائيلية حيث قامت بسحب دبابات الميركافا من المعركة، مما أثر على مبيعاتها في العديد من الدول التي أنهت عقودها مع الدولة العبرية.
رخصة للقتل
مقابل هذه الإخفاقات بدأت قوات العدو بتكثيف هجماتها والوصول إلى كافة مناطق البلاد. وبات واضحاً للجميع أن هذا هو لبنان، لا أكثر ولا أقل. ومن الجنوب مروراً بالضواحي والشمال والبقاع وصولاً إلى أطراف عكار، على بعد أكثر من 150 كلم من الحدود، تم استخدام الاستهداف وقوة القنابل العنقودية والانشطارية، فضلاً عن قنابل الفسفور الأبيض وتلك المشبعة بـ وتتكثف القنابل اليدوية، وجميعها محرمة دولياً، ولم تحمي المناطق السكنية، وخاصة أماكن النزوح. صورة سريالية يشارك فيها الجميع في هذه الجريمة الهمجية التي لم يسبق لها مثيل في الحروب.
لا شيء، لا شيء على الإطلاق، يبرر هذه الوحشية التي يمارسها جيش العدو ومؤيدوه، ويبدو أن الإسرائيليين يستفيدون من الفترة ما بين وفاة بايدن وتولي ترامب سلطاته الدستورية في 20 كانون الثاني/يناير 2025، وهي الفترة التي وُصفت بأنها “فترة عرجاء”. الحكومة القديمة أعطت نتنياهو رخصة للقتل خلال هذه الفترة.
وتأكدوا أن قوى الجحيم لن تهزم لبنان
يذكر الكتاب المقدس في (تثنية العهد القديم) أن “موسى نظر شمالاً نحو جبال لبنان وقال: “وهذا الجبل؟” فأجاب الله وقال: “هذا الجبل هو مكان لي، فلبنان الآن هبة الله إلى الأبد، ولن تتمكن أقدام أتباع موسى ولا جنوده من دخولها.