«كولونيالية» أميركية أوسطية بعضلات إسرائيلية

admin7 نوفمبر 2024آخر تحديث :

وأصبحت المجازر الإسرائيلية في لبنان تغطي وسائل الإعلام بشكل منتظم بعد أن اعتاد المواطنون على هذا النهج الذي تتبعه إسرائيل في ظل غياب مراقب أو محاسب أممي أو دولي أو عربي. وإذا كانت وحدة الساحات سبباً أساسياً لما يعيشه لبنان وسوريا واليمن وغزة والعراق بين الحين والآخر، فإن عزلة الساحات وتباعدها لن يجلب السلام والطمأنينة للدول التي تتبع هذا الخيار.

في عصر العولمة، والقرية العالمية، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والأسلحة النووية والفتاكة، والألياف الضوئية، لم يعد من الممكن الهروب بنسبة 100 في المائة من التأثيرات والتأثيرات التي تتجاوز مناطق الصراع المحدودة وتمتد إلى المحيط المباشر وراءها. وعندما نقرأ تأثير الحرب على غزة ثم على لبنان، نرى أنه حتى لو انتهت هذه الحرب، فإنها ستبقى مفتوحة، في ظل استحالة الحل الذي تسعى إليه أطراف الصراع. وتشير أحداث الماضي، بدءاً بحرب السنتين (1975-1976)، إلى وجود قاعدة رابح وخاسر على الأرض، وحل سياسي غير مكتمل بسبب عدم القدرة على تطبيق الوثيقة الدستورية. لقد عادت تلك الحرب بأشكال مختلفة وأقبح. وفي عام 1982، لم يجلب الاحتلال الإسرائيلي الثاني الذي سيطر على العاصمة بيروت، حلاً، بل واقعًا سياسيًا ودستوريًا جديدًا واتفاقية سلام مع الدولة العبرية المعروفة باسم 17 مايو. ومهّد اتفاق 1983 الطريق أمام انتقام عسكري سياسي قاد الأطراف إلى مؤتمري جنيف ولوزان وتشكيل حكومة «موزاييكية». وأدت «حرب التحرير» والحروب اللاحقة إلى اتفاق الطائف الذي لم تنفذ بنوده بشكل كامل حتى اليوم للحكم على فشله ونجاحه. وهل هو فعلاً “خدم عسكرياً” ويحتاج إلى تغيير أو إضافة إليه أم لا؟

وفي خضم التغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، ومع هبوب رياح “الربيع العربي” وفق “وصفة” باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، الحرب على سوريا، إسقاط نظام معمر القذافي وقبل ذلك تم إلغاء حكم زين العابدين بن علي في تونس وانتفاضة «الإخوان» في مصر منذ البداية. ويمكن القول إن لا أحد في الوطن يستطيع أن يحقق التغيير نحو الأسوأ أو الأفضل، وينمي كامل إرادته الوطنية، ولا يفرض حله بعقلية المنتصر، كما كان الحال من قبل، حتى لو لقي دعما. من الخارج. ونتيجة لذلك، أصبحت منطقة الشرق الأوسط وبعض دول شمال أفريقيا ساحة بركانية تثور وتحترق باستمرار. أي أن ما يجري هناك يعكس عمق التوترات الدولية الإقليمية التي تبحث عن منفذ. فهل من مخرج من الدائرة الجهنمية التي تتجمع حول المنطقة؟

الأفق مسدود

وحتى الآن لا توجد دلائل على أن الحلول الجادة تلوح في الأفق. الميدان وحده يرسم بالنار والدمار ملامح خارطة الطريق المستقبلية، ليس في لبنان فقط، بل في المنطقة العربية برمتها، لأن اللعبة معقدة للغاية لأن هناك أطرافاً إقليمية مجاورة في المنطقة لها حساباتها ومخاوفها وسياساتها. فالقلقات لها مصالح استراتيجية، وتركيا وإيران تتقدمان عليها، ولن تقبلا أن تكونا مجرد «شهود على ما «لم يرَ شيئاً». وفي ظل نفوذ طهران الواسع في لبنان وسوريا والعراق واليمن، فإن لأنقرة مجالاً قوياً وجودها في شمال سوريا ويدها “الذيل” في شمال بلاد ما بين النهرين. إن غياب التضامن العربي يعرض الأمن القومي لدول الجامعة العربية للخطر، مما يضطر كل دولة إلى البحث عن مصادر حماية خارج نطاقها الجغرافي وروابطها الوطنية، وهو ما عزز وجود الدخيل في مشهدها الجيوسياسي، حتى لو كان في بعض الأحيان على مسافة وتكلف مصالحها الوطنية وعلاقات حسن الجوار مع الآخرين. لذا فإن الاعتقاد بأن الانتخابات الرئاسية الأميركية ستكون «الترياق» الذي سيشفي وينقذ الوضع الذي تعيشه المنطقة، وخاصة لبنان، ليس في غير محله. بل على من يراهن على التأثير الإيجابي أو السلبي لهذه الانتخابات أن ينتظر.

لا أحد ينكر أن الولايات المتحدة لها اليد العليا في المنطقة من خلال الأنظمة الموالية لها وقواعدها وأساطيلها العسكرية التي تجوب طول البحر الأبيض المتوسط ​​وعرضه دون معارضة أو اعتراض ودون إغفال دور السمينين. والعصا “الحادة” التي تلعبها إسرائيل في خدمة واشنطن الاستراتيجية، والخدمة السريعة التي تقدمها القواعد البريطانية في المنطقة، والتي أصبحت بالفعل تحت القيادة الأمريكية. لكن في المقابل هناك روسيا التي تراقب بحذر من قاعدتها البحرية على الساحل السوري، والتي تعتبر حالياً المنفذ الوحيد للمياه الدافئة التي طالما حلم قياصرةها والقيادات السوفييتية المتعاقبة من بعيد عبر التاريخ، لن تمنحها فرصة الوصول إلى المياه الدافئة. وتهدد مصالحها بالسهولة التي يتوقعها البعض، وكذلك دورها كدولة اعتراضية… وسيشتد الصراع إذا تمكنت من حل الحرب الأوكرانية لصالحها. ونتيجة لذلك، سيكون المشهد الإقليمي محاطاً بالغموض، بما في ذلك لبنان الذي يعاني من هجمات إسرائيلية يمكن وضعها في خانة «قصف ضد قصف وتدمير ضد تدمير» بعاطفة سادية غير مسبوقة، مهما كانت الذريعة. ولذلك يمكن القول إن آفاق الحلول لا تزال مغلقة ما دامت إسرائيل مستمرة في هجماتها وما دام «حزب الله» يقاومها وينافسها على أراضي الجنوب ويطلق صواريخه على أراضي الشمال. المستعمرات.

معركة المسارين

ومن الواضح أن التوترات التي تشهدها المنطقة والحروب الدائرة هناك لا تنفصل عن الصراع الدولي على طريق الحرير والمحاور والدول التي تحشد خلفه الصين وروسيا وإيران من جهة. وطريق سبايس وسائقه الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها أوروبا والهند وبعض الدول العربية يعملون على إيجاد… موانئ بديلة للممرات المائية التي تشكل خطرا على أساطيلهم التجارية وتضر بالموانئ الإسرائيلية. فقد امتد الصراع عبر المضيق، في حدته الصاخبة أو مظاهره “الناعمة”، إلى تايوان ومنطقة بحر الصين، وحشد كوريا الجنوبية والشمالية، ووصل إلى حدود الفلبين. كل ذلك يعني أن المنطقة، التي يعتبر لبنان الحلقة الأضعف فيها، تجد نفسها في عين العاصفة، سواء اشتدت أو هدأت، وستخرج منها بندوب سياسية واقتصادية وأمنية ستكون لها نتائج سلبية للغاية على الدول. إن التورط في هذا الصراع ضد إرادتهم سيكون له تأثير على المنطقة.

لبنان والخيارات المتاحة

وهناك من يلوم الحكومة المؤقتة ويعتقد أن الكارثة التي أصابت لبنان سياسياً واجتماعياً وحتى عسكرياً وأمنياً لم تكن على المستوى نفسه، لكن الواقع يتحدث عن نفسه. لقد استنفدت الحكومة كل مواردها بما لديها من أوراق وقدمت كل ما يمكن تقديمه. ووافقت على وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار رقم 1701 بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن الرفض جاء من الجانب الإسرائيلي، فيما فشلت مهمة المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين بسبب عدم رغبة إدارة الرئيس جو بايدن الواضحة في وقف إطلاق النار. كبح الهجمات الإسرائيلية التي تجاوزت همجيتهم. حاولت فرنسا وحدها، فحدث تشابك سياسي بينها وبين إسرائيل، ورغم بعض الإجراءات التي اتخذها الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن الأسلحة الفرنسية لتل أبيب، إلا أن طموحات بنيامين نتنياهو أصبحت أكثر شراسة، وتجاوز تعطشه للتدمير الشامل كل تصور.

فماذا على لبنان أن يفعل إذن؟ الجواب هو أن الحرب في لبنان لم تنته بعد، ولا يبدو أنها ستنتهي قريباً ما دامت إسرائيل عدوانية وحزب الله يقاوم بينما تتزايد المجازر والدمار. وما على لبنان إلا أن ينتظر، وقبل كل شيء، أن يواكب التطورات. لكن الأهم هو عدم الوقوع في فخ من يريد أن يقود لبنان إلى «تنوير» الحرب الأهلية، لأنها تدمر ما تبقى من روحه وتلبي رغبة إسرائيل ومن يدمر وحدته يريد عبر تأجيج نار الطائفية والمذهبية، وهذا ما حذرت منه باريس على لسان شخصية بارزة. عليك أيضاً أن تنتبه للشائعات والأخبار التي تنتشر والمكائد التي تحاك. وحتى الآن، تحملت الأطراف الفاعلة والمؤثرة على الأرض مسؤوليتها، على الرغم من التباين الذي يحدد تفسيرها لهذه المرحلة. وعندما يحين وقت الحل، سيُدعى لبنان إلى طاولته، حتى لو لم يكن لديه خيار سوى تذوق الطبق المعد له. «الاستعمار» أميركي ذو عضلات إسرائيلية – لا شك أن منطقة الشرق الأوسط في عصرنا الحاضر تقع في قبضة «الاستعمار» الأميركي بمختلف أشكاله وأدواته، حيث تلعب إسرائيل دور «بطل» العالم. نفسك ومن تم تكليفهم بهذا الدور.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة