إن مسألة انتخاب رئيس للجمهورية، على الرغم من إلحاحها، ينبغي النظر إليها من منظور الحفاظ على الصداقة مع المشاركين في الحرب، “وهم جميعاً لبنانيون، بغض النظر عن توجهاتهم ومناطقهم”، والمساعدة في الضغط على اللبنانيين. أولئك الذين يعتبرونهم أصدقاء خارجيين للعمل من أجل وقف إطلاق النار. هذه هي الفكرة والمشكلة الأولى التي يجب على هؤلاء الناس التغلب عليها أولا حتى “لا يصدقوا أن الوقت قد حان للانقلاب”. أليست هذه لحظة الشراكة الوطنية؟
إن الحكمة السياسية التي يمارسها بعض الناس حالياً (والتي ترتبط بما سبق وما زالت مستمرة) ليس لها معناها الاشتقاقي والدلالي إلا من حيث أنها تفرق الناس وتحرضهم. ولا نتوهم أن ما يحدث هو هدر سياسي وثقافي. مهمتهم خلق فجوة بين الناس وتقسيمهم، وهو أخطر ما حدث للبنانيين في حياتهم، في وقت لا يزال العدوان على لبنان وسيادته مستمرا.
فلماذا تستبقون الحقائق بالأوهام؟؟؟ المستقبل والعودة إلى زمن مضى وانتهى («1982»): إذا هُزمت المقاومة أو قامت بانقلاب وحاولت الدخول في مرحلة من الجنون تعتبرها مواتية، فإن ذلك يعتبر كارثة على القومية والسيادة .
وبعد إزالة هذا الالتباس العام، نتساءل عما إذا كان من الممكن استحضار العقلانية السياسية للسيطرة على هؤلاء الانقلابيين بعد فشلهم في التجمع يوم السبت.
12 تشرين الأول 2024، خاصة أنه ما زالت الفرصة متاحة أمامهم لفحص شبهاتهم وأوهامهم وهذه مسألة أخلاقية وإنسانية ووطنية.
صحيح أن العدو الإسرائيلي قصف ودمر وقتل، وتمكن من الوصول إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وأركان حزبه، وارتكب المجازر ولا يزال. لكن منذ الإعلان عن بدء التمرين البري يبدو أنه غير قادر على مواجهة المقاومة وجهاً لوجه، وهذا مؤشر مهم على أن الميدان يختلف في حقائقه عما أعلنته إسرائيل وما افترضه بعض العرب وعلى الأرض. وأن هذا الميدان بحقائقه، بقدر ما يطمئن المجتمع اللبناني والقيادة السياسية للمقاومة، يبعث برسالة للبعض بأننا ما زلنا نريد شريكاً وطنياً لا يستطيع الإسرائيليون الوصول إليه. الأهداف: يجب أن تكون الروح الوطنية حاضر في هذا الصراع ولا شيء غيره.
ثم إن ما يحدث في بعض وسائل الإعلام المحلية، في بعض القاعات والصالونات والاجتماعات وفي مواقعها، له معنى عميق، ويؤثر سلباً على الثقة، ويدل على ضعف أو عدم الشعور بالمسؤولية الوطنية والشراكة وغيرها تجاه الالتزام الوطني ولعلنا بحاجة إلى لفت انتباه الجالسين في القاعات، خلف المنابر أو على الشاشة الملونة، إلى هذه المواقف والخطابات التي نسمعها ونحققها نحن كمواطنين لبنانيين، بغض النظر عن طائفتنا ومنطقتنا. وضح لنا أن هؤلاء الأشخاص يقومون بوظيفة سياسية مملة. إنه غير فعّال إلى حد كبير، ويمارسون من خلاله الجنون السياسي، المقترن بانحلال ثقافي فردي-جماعي يعبّر عن انقسام في «الشخصية اللبنانية»، وكل ما يقولونه وكأنهم بعيدون عن أواصرهم.
نحن نفترض أن الأخلاق الدينية “المسيحية الإسلامية” هي إلى حد كبير أخلاق مشتركة سامية. وقد طالبنا في كتابات سابقة الخطاب السياسي والديني بتبنيها وتحويلها إلى خطاب إنساني واقعي من خلال القيم الإنسانية أو التعامل معها على هذا الأساس. الدعوة موجهة مرة أخرى لأصحاب المناصب والعناوين والمعايير العالية للعودة إلى القيم الإنسانية التي تجمعنا، للعودة إلى قيم الأخلاق الرفيعة أو مشاركة مواطنيهم همومهم والانتقال من الوهم وعدم الثقة بالمسؤولية الوطنية والشراكة والالتزام الوطني.
القرار الدولي 1701 جعل بنشره جميع القرارات الأخرى المتعلقة بلبنان ملزمة، ولا سيما القرار 1559، والإشارة إلى هذا القرار في هذا القرار 1701 ليست سوى إشارة واضحة إلى هذا العمل الملزم، إذن أيها اللبنانيون السياديون نحن في القرن الحادي والعشرين، وقد اقتربنا من نهاية ربعه الأول، ولم يعد هناك أي تطابق بين عصرنا وعصر 1982. “هل يأتي فترة يا رجل..” أصبح واقع الحياة مختلفا.
وإذا لم تعلمنا تجربة العهد الماضي (1982) والحقبة التالية، فماذا ستعلمنا؟
جوهر البيان: إن المسرح الاجتماعي والثقافي الأكثر شمولاً في البلدان هو المسرح السياسي. ولذلك على الممثلين في هذا المسرح أن يواجهوا المسؤولية الوطنية التي تمنحهم قيمة سياسية، وليس الانقلاب الصارخ الذي يمنحهم تلك القيمة.