الآن سيتسع غياب البرلمان اللبناني عن الساحة العامة بشكل كبير، ليس فقط لأنه غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية أو تشكيل حكومة جديدة بكامل الصلاحيات، بل أيضاً بسبب واجباته التشريعية والتشريعية لا يقوم بواجباته السياسية. لمواكبة الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد حاليا… هناك ادعاءان دستوريان لا يمكن أن يتجاهلهما: الأول إقرار الموازنة العامة لعام 2025 والثاني يتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب المجلس واللجان النيابية.
– تقديم الموازنة في المهلة الدستورية: للعام الثاني على التوالي، قدمت الحكومة الموازنة العامة في المهلة التي حددها الدستور (المادة 839)، بعد أن وافق مجلس الوزراء على «مشروع موازنة 2025»، الذي اعتبر غير دستوري. بسبب عدم إقفال الكونتوس كما جرت العادة في لبنان في 23 أيلول 2024. وأحاله إلى مجلس النواب في 4 تشرين الأول 2024.
وفي حال تلقى مجلس النواب الموازنة كما هو متوقع، فإنه سيبدأ في النظر فيها في لجنة المالية والموازنة لعرضها على الجمعية العامة. لكن هذا في حد ذاته يمثل تحدياً كبيراً نظراً للصعوبات التي واجهها نواب كتلة الوفاء للمقاومة الذين حضروا للمشاركة في الاجتماعات.
وإذا لم تتم الموافقة على الموازنة في الموعد المحدد، يجوز للسلطة التنفيذية إصدارها بمرسوم وفقا للمادة 86 من الدستور. وهذه خطوة ضرورية للدفاع عن المجتمع وتعزيز المؤسسات، في ظل الظروف الحالية التي تسمح بوجود موازنة تسمح للدولة بالإنفاق.
انتخابات مكاتب ولجان المجلس: تنص الفقرة الثانية من المادة 44 من الدستور على ضرورة انتخاب أمينين في بداية دورة أكتوبر من كل عام، بالإضافة إلى ثلاثة مفوضين في الدورة نفسها. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على مجلس النواب أن ينتخب لجانه الدائمة في بداية العقد.
ويجب أن يجتمع المجلس في 22 أكتوبر 2024 لاستكمال هذه الانتخابات. ولكن ماذا لو لم يتم عقد الاجتماع بسبب الوضع الأمني؟
تاريخياً، واجه المجلس هذه المشكلة بالفعل خلال الحرب الأهلية عام 1978. وبناء على طلب رئيس المجلس آنذاك اعتمد على المشورة القانونية. وأكدت المشاورة أن الظروف الاستثنائية سمحت باستمرار عمل اللجان ومكتب المجلس حتى الاجتماع المقبل. وفي حال تعذر انعقاد المجلس في الموعد المحدد، يجوز تطبيق قاعدة “استمرارية المؤسسات”، أي أن تستمر اللجان النيابية وأعضاء مكتب المجلس في مهامهم حتى الاجتماع التالي. لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الاستمرارية لا تعني التمديد التلقائي لمدة عام كامل، كما كان الحال في عام 2019، بل فقط إلى حين انتهاء الظروف الاستثنائية.
بمعنى آخر، القانون لا يعترف بفراغ السلطة، حيث أن هناك دائما من يجب أن يحل محل الحاكم في حالة غيابه، وفي حالة عدم القدرة على استبداله، يبقى في مهامه حتى تتوفر الظروف المناسبة. لاستبدال الحاضر (أي الانتخابات). ولذلك من المتوقع أن تستمر اللجان النيابية بشكلها الحالي، وحتى مكتب المجلس من المتوقع أن يستمر بشكله الحالي حتى تهدأ وتيرة الحرب الإسرائيلية.
توسع مرتقب في السلطة القضائية: قبل اسبوع قدم النائب علي حسن خليل مقترحا تشريعيا عاجلا بتعديل المادة 2 من المرسوم التشريعي رقم 150 لسنة 1983 بتعديل وإضافة فقرة تسمح لأعضاء مجلس القضاء الأعلى بتمديد مدة ولايتهم بعد انتهاء فترة ولايتهم، يستمرون في القيام بواجباتهم حتى يتم تعيين خلفائهم، إلا في الحالات التي يصل فيها الأعضاء إلى السن القانونية.
ويبلغ عدد الأعضاء حالياً 6 أعضاء فقط من أصل 10، بعد شغور منصبي المدعي العام التمييزي ورئيس المفتشية القضائية، فضلاً عن عدم إمكانية انتخاب أعضاء جدد لعدم وجود رؤساء أصليين للغرفة في محكمة التمييز. ولذلك يصعب اتخاذ قرارات تتطلب أغلبية خاصة، مثل إعلان عدم اختصاص أحد القضاة أو حل الخلافات مع وزير العدل بشأن تشكيل القضاة، وهي قرارات لم يصدرها المجلس من قبل ولم تضرب .
لذلك يرى خليل أن هذا التعديل يهدف إلى حل معضلة اجتماع مجلس القضاء الأعلى بنصاب حضوري بحضور ستة أعضاء على الأقل، باعتباره المسؤول عن ضمان حسن سير العدالة، وهو ما يبرر اقتراحه لضمان حسن سير العدالة. ينعقد المجلس ويواصل عمله ويتجنب الاضطرابات التي يمكن أن تنشأ عن الوظائف الشاغرة. وهذا الوضع يشبه المجلس الدستوري الذي يواصل أعضاؤه عملهم إلى حين تعيين من يخلفهم.
لا شك أن الفراغ في مجلس القضاء الأعلى أمر خطير، لكن مدة عضوية الأعضاء كانت قد انتهت بالفعل (أمس 14 تشرين الأول) قبل مناقشة الاقتراح. لكن الحل الآخر، الذي يصعب تحقيقه سياسيا، هو أن تتمكن الحكومة – حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال – من تعيين أعضاء جدد في المجلس من خلال تعيين المدعي العام التمييزي، دون أن يكون هناك قانون في مجلس النواب يشترط ذلك. . رئيس هيئة التفتيش و5 أعضاء آخرين. لكن الملف لن يتم طرحه على طاولة مجلس الوزراء بسبب مخاوف من أن يكون نقطة خلاف رئيسية على الرهانات السياسية في القضاء، ما سيخلق المزيد من نقاط الخلاف بين أطراف الحكومة التي وستجعل صعوبة تفاقم الوضع الحالي. علماً أن الحكومة السابقة في عهد حسان دياب لم تتمكن من تعيين مجلس قضاء أعلى جديد.
الشغور في مجلس القضاء الأعلى يعود إلى أكبر قنبلة قضائية: انفجار مرفأ بيروت. وتعتبر هذه القنبلة ملفاً متفجراً ورأت الأطراف المعنية في الحكومة ضرورة تدميرها عبر عدة مناشدات لا يمكن النظر فيها إلا بالتعيين.
علماً بأن الشواغر الإضافية تطال جهات قضائية أخرى مثل هيئة التفتيش القضائي ومكتب مجلس شورى الدولة ومعهد الدراسات القضائية، إضافة إلى عرقلة تعيين قضاة جدد. لذلك، فإن هذا نذير بشلل كبير وشيك في القضاء، سيشل مئات الملفات ويؤخر البت في العشرات، وربما المئات، من الأحكام التي ستصدر قريباً.