ويبدو أن «العصف الذهني» الذي كلف به وليد وتيمور جنبلاط، والذي كان ولا يزال يجريه ممثلو «اللقاء الديمقراطي» مع الأحزاب السياسية والمرجعيات الروحية، يهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة في الانتخابات الرئاسية ومن ثم تشكيل حكومة مشتركة. حكومة جديدة لتسوية الأوضاع ومواجهة تحديات الحرب.
والسيناريو الأمثل لـ«الحزب التقدمي» في الوقت الراهن هو الدفع بالوضع الاستثنائي الذي يمر به لبنان بسبب الحرب الإسرائيلية من أجل الإسراع في انتخاب رئيس يقود المفاوضات حول وقف إطلاق النار ووقف إطلاق النار. سيحصل على نهاية للعدوان الإسرائيلي ويحظى بأكبر “دعم” ممكن من لبنان من خلال أغلبية قوية في مجلس النواب.
لكن يبدو أن الساحة السياسية ليست مهيأة بعد للتفاعل الإيجابي مع هذا السيناريو وتنتظر أن تتضح ملامح المشهد الأخير للحرب ومن سيكون بطلها، ليتم البناء عليه بعد ذلك. يتطلب ذلك.
لكن الزعيم جنبلاطي ونجله قررا جس نبض الفاعلين السياسيين في مواجهة تصاعد الحرب واختبار إمكانية توجيه مسار «الضالين» بينهم على إيقاع عين التينة إفادة.
ورغم أن «التجمع الديمقراطي» خاض منذ فترة تجربة التجول على القوى السياسية لحثها على تسهيل انتخاب رئيس وعاد خالي الوفاض، إلا أنه لم يفقد الأمل في تنفيذ تعهده مكرراً، على افتراض أن الظروف تغيرت هذه المرة، وأصبحت أكثر ملاءمة للرد على طرحه، تحت ضغط مخاطر العدوان الإسرائيلي على لبنان وما اعتبرته القيادة جنبلاط، أنهم يفتقرون إلى الشعور بالمسؤولية والتبادل. المسؤولية تطلبت تنازلات لتمهيد الطريق أمام وصول رئيس توافقي إلى بعبدا.
“الحزب التقدمي” “استعين” في حراكه المتجدد بـ “رابط سياسي” من بري، انعكس في المرونة التي أبداها مؤخراً بالتخلي عن شرط الحوار السابق للانتخابات والدعوة إلى رئيس توافقي يتمتع بأوسع قدر ممكن. التغطية الوطنية.
أما جنبلاط، الأب والابن، فعلى الأطراف الأخرى المتسرعة لانتخاب الرئيس، وخاصة المسيحيين، أن يواجهوا بري في موقفه الإيجابي ويستخدمونه للبناء عليه، على أساس تحرك مماثل من هنا من قبل واحد. خطوة من هناك، وبذلك يتم تجاوز المسافة بين بعبدا.
وبهذا المعنى تهدف حركة “اللقاء الديمقراطي”، بمختلف اتجاهاتها، إلى وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، للحد من هدر الوقت وتعزيز الداخل في مواجهة تأثيرات الحرب الإسرائيلية، من خلال الإسراع في انتخاب رئيس توافقي، مما يعيد النظام إلى المؤسسات الدستورية وأدوارها.
وحرص مبعوثو القيادة جنبلاط على عدم ذكر الأسماء في مشاوراتهم مع الأحزاب السياسية والمرجعيات الدينية، لذلك اقتصرت مهمتهم في المرحلة الأولى على إقناع المعنيين بضرورة الفهم الكامل لهوية الرئيس، لضمان نجاحه وإحاطته بأكبر قدر ممكن من الشرعية الوطنية حتى يتمكن من القيام بالمهام الصعبة، في حين أن الرئيس الذي يحصل على 65 صوتا فقط أو أغلبية بسيطة لن يتعثر، بل سيتعثر ويواجه صعوبات كبيرة، لتشكيل حكومته الأولى. وهذا من شأنه أن يلتهم زخم عصره منذ البداية.
لذلك، ركزت وفود «اللقاء الديمقراطي» خلال رحلتها على إيجاد مساحة مشتركة بين جميع الأطراف وإيجاد الإرادة السياسية للتوجه نحو الخيار التوافقي.
وترى الأوساط الداعمة للحركة التقدمية أن الكرة الآن بعد ارتياح بري أصبحت في ملعب الآخرين، مؤكدة أن التوازنات الداخلية لم تتغير تحت وطأة العدوان الإسرائيلي، ومن يبني عليها حساباته الرئاسية فإن الأساس هو إجراء انتخابات جديدة. خطأ جسيم.
وتشير هذه الأوساط إلى أن من يظن أنه من الممكن كسر حزب داخلي وفرض شروط سياسية عليه، لا يعرف بعد خصوصية لبنان وبنيته الدقيقة التي لا تحتمل التلاعب. وتحذر من أن مثل هذه الأوهام تمت تجربتها ولم تسفر عن نتائج. لذلك لا بد من الاتفاق على رئيس يطمئن جميع الأطراف اللبنانية ولا يشكل استفزازاً لأي منهم.
وتؤكد الأوساط أن الشخص الذي جعل ملء المنصب الشاغر في المنصب الدستوري الأول أولوية قصوى في أدبياته منذ بداية الأزمة الرئاسية، أصبح لديه فرصة لتحقيق ما يريد إذا تحلى بالواقعية السياسية.
كما أشارت المصادر إلى أن تصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي من بيروت وموقف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم رأى أن الأولوية هي وقف العدوان ومن ثم مناقشة تفاصيل أخرى، لقد خففنا من الاندفاع لخلق بيئة مناسبة لـ انتخابات رئاسية سريعة.