أولاً كفركلا والتهجير… وأخيراً بيروت

admin5 أكتوبر 2024آخر تحديث :

بينما يركز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الهدف الأسمى المتمثل في إعادة النازحين إلى شمال إسرائيل، فهو يحاول تحقيقه من خلال نتيجة يأمل في تحقيقها تغير خريطة النفوذ وقواعده، خاصة في حدود الشرق الأوسط. الدولة العبرية، أي تريد أن تستمر حربها.. لبنان هو «آخر» الخارجين من عنق الزجاجة، بعد سلسلة الإخفاقات السياسية والشعبية والعسكرية والاستخباراتية على مدى العامين الماضيين.

بالأمس بدأت الخطوات نحو تحقيق الهدف النهائي تتشكل. كان أولها الإعلان عن محاولة احتلال بلدة كفركلا شمال بلدة العديسة وجنوب بلدتي حورة ودير ميماس، من أجل إعادة مستوطني “المطلة” إلى إصبع الجليل. . وهم يأملون في تحقيق ذلك لأنه إذا كان هناك احتلال للمدينة الحدودية اللبنانية، فسيكون من الممكن للإسرائيليين أن يقطعوا جنوب الليطاني عن قضاء حاصبيا، مما يقطع طريق الإمداد الرئيسي لأعضاء حزب الله.

بل إن الجيش الإسرائيلي يرى في السيطرة على كفركلا (400 متر فوق سطح البحر) هدفا أساسيا وأوليا، ليس بسبب الطريق الرئيسي الذي يربط المنطقة بالمناطق الشمالية، بل لأنه يفتح الباب أمام السيطرة على خط إطلاق نار عاليا. مستوى سطح البحر (900 متر) مروراً بالتلال المحاذية لبلدة الطيبة غرباً، مما يمهد لمحاولة السيطرة على الشريط الحدودي أولاً في القطاعات الوسطى ثم في القطاعات الغربية.

كما أن السيطرة الإسرائيلية على كفركلا ستكون نقطة مهمة في تحويل خط النار من حدود إصبع الجليل إلى بلدات قضاء مرجعيون (الطيبة والعديسة ورب ثيلين)، تزامناً مع اجتياح الاحتلال. بلدات قضاء بنت جبيل، ما يعني بداية نقل المعركة إلى الأراضي اللبنانية حصراً بهدف تقليص الهجمات الصاروخية والمدفعية على شمال أو وسط إسرائيل بدرجات متفاوتة.

وتتزامن محاولة السيطرة هذه مع هدف تأمين ميزة ميدانية، يتم تحقيقها من خلال توفير غطاء مدفعي ودبابات من هذه التلال لإنشاء حزام ناري حول البلدات الحدودية للقطاع الأوسط (بشكل رئيسي مركبا والحولة وميس الذاتي). ولن يتوقف التصعيد الإسرائيلي هنا، أي بالوصول أولاً إلى العوالي شمال صيدا، إلا أن الإسرائيليين يهددون بالوصول إلى بيروت في تكرار لما حدث عام 1978 ومن ثم 1982.

ولذلك لا يوجد في أي وقت ما يشير إلى وجود أي نية لوقف آمال التوسع الإسرائيلي، حتى لو كانت إجراءات دبلوماسية أميركية فرنسية، لأن الأميركيين لم يضعوا أي عقبات أمام التحركات الإسرائيلية. بل إن دور إدارة الرئيس جو بايدن اقتصر على «المشاورات» لحفظ ماء الوجه للديمقراطيين على أبواب الانتخابات الرئاسية. بينما لم تسفر الجهود الفرنسية لإعادة فتح النقاش في الانتخابات الرئاسية اللبنانية حتى الآن عن نتائج سوى نتائج داخلية.

إن المواقف الأميركية، التي ادعت دائماً دعم الحفاظ على سيادة لبنان الإقليمية، وصلت إلى حد التهليل والإعجاب بالنتائج العسكرية الإسرائيلية، وقد فعلت ذلك في الأعوام 1967، 1973، 1978، 1982، ودائماً ما فعلت ذلك في العام 2006. وهذا يشجع الحكم اليميني المتطرف في تل أبيب على التوسع جغرافيا في كل مرة. لذلك، قد يستغرق الأمر أيامًا، وفي كثير من الأحيان أسابيع أو أشهر، حتى تصل الدبابات إلى أقصى مدى لها في “عمليات برية محدودة ومستهدفة”. وربما يجيب على سؤال مهم: هل تتكرر «مجزرة الحجير» (عندما دمرت قذائف حزب الله عشرات الدبابات الإسرائيلية خلال الحرب؟ يوليو 2006) أم سيتحقق هدف أولي بالتقدم السريع لمسافة 10 كيلومترات في عمق لبنان (أي الليطان). الحدود) ثم نفكر في بيروت أولاً؟

ولا شك أن حركة مسارات الدبابات الإسرائيلية تتحكم فيها نقطتان أساسيتان: الأولى هي صمود عناصر حزب الله أمام سلسلة الاغتيالات التي طالت قياداتهم وانقطاع خطوط الاتصال، فيما تدور الثانية حول : إسرائيل تتوعد بالمزيد من المفاجآت العسكرية والميدانية، وتحاول أن تكون هي من يأخذ المبادرة وليس من يستقبلها.

ومن الأهداف الأخرى التي حققها الجيش الإسرائيلي والتي يمكن أن تخدم أمنه القومي على المدى الطويل، أولا، تدمير البنية التحتية والمنازل والطرق والقرى الحدودية والجنوبية وكذلك وادي البقاع ومن ثم تهجير أكثر من 1200000 شخص. ماذا يعني ذلك؟ ولا شك أن تدمير المنازل والقرى سيؤخر عودة النازحين «في اليوم التالي للحرب»، ويفرض واقعًا إنسانيًا طويل الأمد يكون بمثابة مساعدات دولية وغربية بشكل خاص. خريطة الضغط على الأحزاب السياسية اللبنانية التي ستتسلم السلطة “إذا فقد حزب الله نفوذه”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إغلاق الطرق، بما في ذلك معبر المصنع الحدودي، سيشكل تحدياً اقتصادياً عاجلاً لربط مناطق النزاع بالمناطق الأخرى وربط لبنان بالممرات البرية الدولية الأخرى، لا سيما بالنسبة لواردات المواد الغذائية والتجارة الدولية. فيما تتصاعد المخاوف مما حذّر منه وزير الاقتصاد أمين سلام قبل أكثر من أسبوع، وهو تأمين المواد الغذائية والسلع الأخرى في الجنوب والآن في منطقة البقاع، فضلاً عن الحفاظ على «العقلانية» في الأسعار.

أما الطرد فقد خدمت الآلة العسكرية الإسرائيلية حكومتها السياسية بترحيلها، ولو بشكل مؤقت، من حدودها أكثر من مليون شخص معادي لها، وستكون قادرة على التفاوض على إنهائها لفرض ظروف الحرب. وحالت إعادة توطين أكثر من 100 ألف نازح سوري في بلادهم (بحسب صحف سورية) دون تشكيل مجموعات مسلحة جديدة تستغل فقر النازحين السوريين. علماً أن التقديرات تشير إلى أن أعداد النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم تجاوزت العدد الرسمي بمقدار الضعف، بسبب المعابر غير الشرعية، والتي بلغ عددها 136، من بينها معبر “حوش السيد علي” الحدودي أما الشمال، ومدينة الهرمل ومعبر “مطريبة الحديدي” الحدودي، الذي تعرض للكثير من الغارات، فهو تحت سيطرة حزب الله.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة