أسباب الحرب
- بين عامي 1914 و1918، شهدت البشرية حربًا مريرة شملت أجزاء كبيرة من العالم. حصلت على اسمها لأنها كانت الحرب الأولى التي شملت عدة قارات في العالم. وأدى إلى خسائر بشرية ومادية هائلة وتغيرات سياسية مهمة.
- وكانت لهذه الحرب أسباب بعيدة أو غير مباشرة مهدت طريقها، وكان السبب المباشر هو الشرارة التي أشعلت نارها.
- كما أن زيادة المنافسة الاقتصادية والتجارية بين الدول الإمبريالية لتقاسم نفوذها حول العالم والسيطرة على الأسواق للتخلص من فائض الإنتاج الصناعي والمالي وتوفير المواد الخام، وكذلك دخول الدول الإمبريالية في تحالفات سياسية وعسكرية أدى إلى سباق التسلح. بين الدول المتنافسة، مما أدى إلى زيادة إنفاقها العسكري.
الأسباب غير المباشرة للحرب العالمية الأولى
المنافسة الاقتصادية والاستعمارية:
- بعد زيادة الإنتاج الصناعي في أوروبا في القرن التاسع عشر إثر اندلاع الثورة الصناعية، اشتدت المنافسة الاقتصادية بين بعض الدول الأوروبية التي كانت تبحث عن أسواق جديدة لبيع إنتاجها الصناعي المتزايد من جهة والحصول على المواد الخام من جهة أخرى. .
- ولم تجد هذه الدول حلاً لهذه المنافسة الاقتصادية إلا من خلال التوسع الاستعماري. وبعد أن أصبحت ألمانيا دولة قوية، بدأت تمتلك مستعمرات كغيرها من الدول، وتعارضت مصالحها مع مصالح الدول المستعمرة الأخرى. وأدت هذه المنافسة الاستعمارية إلى توتر العلاقات بين الدول الأوروبية، وخاصة بين فرنسا وألمانيا.
وبدأت الروح العسكرية المتنامية وسباق التسلح بالتركيز على تطوير جيوشهم وتدريبها وتسليحها بأحدث الوسائل العسكرية. وعمل بعضهم على إدخال نظام التجنيد الإجباري وقاموا ببناء الأساطيل البحرية والمدمرات، كما فعلت ألمانيا وبريطانيا ثم فرنسا وروسيا. كل محاولات الطمأنينة في مجال التسلح باءت بالفشل بسبب رفض الألمان لفكرة نزع السلاح، فغرقت الدول الكبيرة في السلاح وتعرضت لنفوذ العسكر فيها.
التحالفات العسكرية والسياسية:
- ونظراً للأجواء الدولية المتوترة في أوروبا، بدأت بعض الدول الأوروبية في البحث عن حلفاء أقوياء حتى لا تضطر إلى القتال بمفردها.
- لذلك توصلت ألمانيا والنمسا إلى اتفاق، وانضمت إليهما إيطاليا لتشكلا التحالف الثلاثي في عام 1882.
- لكن إيطاليا تخلت عن هذا التحالف عام 1914 وحلت مكانه الإمبراطورية العثمانية. وفي المقابل، بحثت فرنسا عن حلفاء وأبرمت اتفاقية صداقة مع روسيا مع الدول الثلاث: فرنسا وروسيا وبريطانيا العظمى.
نمو الحركات القومية: ساهمت المشاعر الوطنية والروح الوطنية في حركة الشعوب الأوروبية غير المستقلة ضد الحكم الأجنبي على بلدانها. وكان لهذا العامل دور مهم في مساعدة الشعبين الألماني والإيطالي على تحقيق وحدة بلديهما وطرد النفوذ النمساوي منهما.
دور الصحافة: ساهمت الصحافة بشكل كبير في إثارة المشاعر الوطنية وإثارة الخلافات بين الجنسيات المختلفة. كما ساعد في إثارة الكراهية وتحفيز الرأي العام، خاصة في صحف النمسا وصربيا وألمانيا.
السبب المباشر للحرب العالمية الأولى
- في 28 يونيو 1914، زار ولي العهد النمساوي الأمير فرانسوا فرديناند وزوجته مدينة سراييفو عاصمة البوسنة، واغتيلا على يد طالب صربي كان متحمسا لقضية بلاده التي كانت خاضعة للاستعمار النمساوي.
- وبما أن العلاقات بين النمسا والصرب توترت، فقد افترضت النمسا أن الصرب هم المسؤولون عن الحادث لتصفية حساباتها معهم، ولذلك أصدرت إنذارا قاسيا، وطالبت بنشره في الصحف والمدارس والمدارس وغيرها. وقف الدعاية ضد النمسا. والجمعيات وكذلك فصل جميع الموظفين المناهضين للنمسا. كما كانت هناك دعوات للقبض على المتورطين في مقتل ولي عهد النمسا. وطالبت بالسماح للقضاة والمسؤولين النمساويين بالحضور إلى الصرب للتأكد من تنفيذ هذه المتطلبات.
- وبعد التشاور مع روسيا، قبل الصرب الشروط واقترحوا إحالة الشرط إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي (هولندا) فيما يتعلق بمحاكمة المتهمين. إلا أن النمسا اعتبرت الرد غير مرض وأعلنت الحرب على الصرب.
تأثير اغتيال ولي عهد النمسا على اندلاع الحرب العالمية الأولى
- وبعد ذلك، في الأول من أغسطس عام 1914، أعلنت روسيا التعبئة العامة لمساعدة الصرب. أعلنت ألمانيا حليفة النمسا نفسها ضد روسيا في 1 أغسطس 1914 لأن روسيا لم تلغي التعبئة العامة استجابة لطلب ألمانيا، وضد فرنسا في 3 أغسطس لأن فرنسا لم تحدد موقفها من الحرب بشكل واضح وفقا لطلب ألمانيا. وفي اليوم التالي حشدت فرنسا قواتها وأعلنت الحرب على دول المحور، وعندما غزت الجيوش الألمانية بلجيكا وهي منطقة محايدة، أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا، وفي 4 أغسطس اندلعت الحرب العالمية الأولى.
- واستمرت الحرب أكثر من أربع سنوات، تحولت خلالها من حرب أوروبية إلى حرب عالمية. شهدت الحرب الأوروبية (1914-1916) فترتين، سميت الأولى بحرب الحركة والثانية بحرب الخنادق، واتخذت الحرب طابع الاستقرار الموضعي، وقامت الجيوش المتعارضة في الجبهات بحفر الخنادق، وقاموا بتحصينهم وتجهيزهم بأسلحة جديدة مثل الدبابات والطائرات.
- في عام 1915 تمكن الألمان من تحقيق عدة انتصارات على الحلفاء. وهزموا الروس في معركة غورليس تارناو، واحتلوا بولندا ومعظم مدن ليتوانيا، وحاولوا قطع خطوط الاتصال بين الجيوش الروسية وقواعدها للقضاء عليهم.
- ورغم أن الروس حققوا بعض الانتصارات الجزئية على الألمان، إلا أن خسائرهم الفادحة (حوالي 325 ألف أسير) لم تسمح لجيشهم باستعادة قوته. أدى النجاح الألماني على الروس إلى إخضاع البلقان وعبرت القوات النمساوية والألمانية نهر الدانوب لمحاربة الصرب وألحقت بهم هزيمة ثقيلة.
- وفي نفس العام تمكن الألمان أيضًا من تحقيق انتصارات واضحة في بعض الجبهات وبقيت جبهتهم مغلقة رغم هجمات الجيوش الفرنسية والبريطانية.
- وتزايدت حدة القتال طوال عام 1916، حيث استمرت المعارك في فردان سبعة أشهر وفي السوم أربعة أشهر ودارت على الأراضي الفرنسية لأول مرة، واضطرت ألمانيا إلى التراجع وتم تدمير جيشها المدرب. وتركها للاعتماد على المجندين الشباب.
خسائر
- وتسببت الحرب في خسائر بشرية كبيرة حيث قتل أكثر من ثمانية ملايين شخص وأصيب الملايين. كما تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة، وشهدت الدول المتحاربة أزمة مالية طاحنة بسبب الإنفاق الباهظ، وتزايدت ديون الدول الأوروبية وتقلصت هيمنتها الاقتصادية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
- تغيرت خريطة أوروبا بعد الحرب. انهارت الأنظمة الإمبراطورية القديمة، وسقطت الأسر الحاكمة، وتغيرت الحدود الإقليمية للقارة الأوروبية مع ظهور دول جديدة، وحدثت الثورة الروسية، التي أدخلت أول نظام اشتراكي للاتحاد السوفيتي.
نتائج الحرب على العرب
- وانضمت الخلافة العثمانية إلى دول المركز في هذه الحرب التي شكلت بداية النهاية للتاريخ العثماني، ووضعت هزيمة ألمانيا وبالتالي الدولة العثمانية مصير بلاد الشام العربية في يد بريطانيا وفرنسا.
- كان الشريف الحسين بن علي، شريف مكة، يحلم بإقامة دولة عربية عظيمة، وكانت علاقته بالخلافة العثمانية سيئة للغاية. وكانت بريطانيا تسعى جاهدة لكسب العرب إلى جانبها، فدخلت معه في مفاوضات سرية وتم تبادل الرسائل بينه وبين السير هنري مكماهون ممثل بريطانيا في مصر والسودان.
- ووعدته بريطانيا بمنحه دولة عربية كبيرة، فدخل الحرب إلى جانبها وأعلن ما سمي بالثورة العربية ضد العثمانيين في يونيو 1916، والتي شارك فيها ضابط المخابرات البريطاني لورانس، المعروف باسم لورنس العرب. وبمساعدة البريطانيين تمكنت الحركة من السيطرة على الحجاز.
- وتقدم ابنه فيصل نحو الشام، وبعد انسحاب العثمانيين وصل إلى دمشق، حيث أعلن قيام حكومة عربية موالية لوالده الذي أعلن نفسه ملكاً على العرب، لكن الحلفاء وحدهم اعترفوا به ملكاً على الحجاز وشرق الأردن.
- ورغم الوعود التي قدمتها بريطانيا للعرب، إلا أنها أجرت مفاوضات واتفاقيات سرية مع فرنسا وروسيا تناولت تقسيم الممتلكات العثمانية، بما فيها الأراضي العربية. ثم انفردت بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سرية عرفت باتفاقية سايكس بيكو (1916). (سمي على اسم المندوب البريطاني مارك سايكس والمندوب الفرنسي فرانسوا جورج بيكو.