الحياة قطاع غزة “ميتة” بالنسبة للسكان الذين يعيشون حرب منذ أكثر من 10 أشهر، لا وقت لديهم ها للبكاء أو الحزن.
أعلنت وزارة الصحة غزة، اليوم الخميس، أن أكثر من 40 ألف فلسطيني استشهدوا الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ هجوم حماس المفاجئ 7 أكتوبر الماضي.
إيلا، الفتاة الفلسطينية التي تلح على والدتها كل يوم للاتصال بوالدها، غير مدركة أنه من بين القتلى.
وتقول أم عمر إن ابنتها البالغة من العمر أربع سنوات “تمسك بالهاتف المحمول كل يوم، وتريد الاتصال بوالدها وإخباره بما حدث لها خلال النهار”.
أم عمر لا تجد حلاً لاضطراب ابنتها سوى «الذهاب معها والتظاهر بمكالمة والدها حتى لا يرهقها نفسياً».
واستشهد زوج والدة عمر، إبراهيم الشنبري، غارة استهدفت منزل العائلة بيت حانون شمال قطاع غزة. وكان هذا الخبر بمثابة “صدمة لم تستطع المرأة تقبلها”، وظلت تشعر بأنه حلم وليس حقيقة.
والمرأة المكلومة مع طفليها – فتاتين وصبي – منطقة المواصي جنوب قطاع غزة.
وقالت لوكالة فرانس برس “لا أعرف كيف مرت الأشهر”. لكنها حزينة لأنها لا تستطيع توديع زوجها الذي جمعته معه قصة حب تلو الأخرى.
وتتابع: “لم نتمكن من توديعه، ولم نقدم تعازينا، ولم يحصل على حقه كشهيد ليدفن وتم تصوير ديو تذكاري، لم يكن لديه كل ذلك”.
وبينما تتذكر أم عمر “عطف وحنان” زوجها، تعزي نفسها بأنها “أفضل حالا من غيرها ممن فقدوا كل أهلهم ولم يدفنوهم، وآخرين تركوا أشلاء ينتشلون أطفالهم” مصائب عظيمة.”
الموت مثل الحياة
غزة، كانت هناك طرق عديدة للموت. البعض قُتل على الفور، والبعض نزف حتى الموت، والبعض مات تحت أنقاض المنازل وتم انتشال جثثهم، والبعض الآخر لا تزال جثثهم تحت الأنقاض.
وبالنسبة لمصطفى الخطيب (56 عاما) الذي فقد العديد من أقاربه، فإن “الموت أصبح مثل الحياة”.
ويشكو الخطيب من قلة المقابر وصعوبة الوصول إليها، وضرورة دفن الموتى «الأراضي والساحات والأحياء».
وقال لوكالة فرانس برس “نواجه صعوبات بسبب عدم توفر أدوات الحفر، ولا يوجد حجارة أو أسمنت أو حديد… كل الأشياء الأساسية مفقودة”.
ويروي الخطيب تفاصيل مؤلمة عاشها: “أشعر بالظلم والمرارة لفراق الأحبة.. عمي يحيى استشهد قصف إسرائيلي قرب الدرج ونقلناه إلى مستشفى الشفاء” وقمنا بدفنه الساحة الغربية للمستشفى.
تمتلئ ساحات المستشفى بالجثث التي دُفنت سريعاً ظل الحصار الخانق على القطاع والقتال.
ويوضح الخطيب كيف دفن شقيقته آمنة “مقبرة الشيخ شعبان القديمة الممتلئة، والتي لا ينبغي أن ندفن ها، لكنني اضطررت لذلك”.
“متى دوري؟”
وقبل أكثر من ستة أشهر، تلقى علي خليل (54 عاما) نبأ مقتل ابنه أثناء إقامته مع أحفاده مخيم للنازحين بعد هروبه من مخيم الشاطئ بمدينة غزة.
ويقول خليل بحزن: “أكثر ما يؤلم قلبي أنني لم أدفن ابني محمد، ولم أرشوه وودعته، ولا أعرف عنه شيئاً”.
ويتساءل “هل كان جسده (محمد، 32 عاما) كما هو أو انهار، لا أعلم”.
ويكافح سكان غزة للتعبير عن حزنهم، ويلتزم البعض الصمت عند سؤالهم عما إذا كانوا قد فقدوا أحد أقاربهم
ويفضل بعض سكان غزة الموت على العيش بدون أحبائهم الذين ماتوا الحرب.
بينما يتساءل آخرون: متى سيأتي دوري؟