يقول الأسرى المحررون غزة إن من يخرج من سجن سدي تيمان الإسرائيلي “مولود” ومن يدخله “مفقود”.
بين خطوتين، واحدة إلى الداخل والأخرى إلى الخارج، يكتب هؤلاء السجناء قصصًا تشيب الرأس، ويبدو قبحها تفاصيل مستوحاة من الخيال أو من سيناريو كتبه قلم لا يهدأ.
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصدرت قاعدة سدي تيمان صحراء النقب عناوين الأخبار والتحقيقات الصحة كبريات وسائل الإعلام الغربية، وكذلك العبرية.
عناوين خرجت عن المألوف بشأن ظروف الاعتقال المكان الذي حولته إسرائيل إلى سجن لأسرى قطاع غزة، سلطت الضوء على حالات تعذيب وانتهاكات لم تشمل “الاعتداءات الجنسية”.
وآخر هذه الاعتداءات تم توثيقها ديو نشرته مؤخرا القناة 12 الإسرائيلية، والتي قالت إنها توثق حادثة “اعتداء جنسي” على أسير فلسطيني من قطاع غزة، قاعدة “سدي تيمان”.
أعلن المدعي العام للجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، تفاصيل هذه الحادثة التي اعتقل ها عدد من الجنود الشهر الماضي.
تفاصيل رهيبة
و التفاصيل، التي اطلعت عليها صحيفة هآرتس الإسرائيلية، قالت النيابة العامة إن خمسة جنود اعتدوا بالضرب على أسير فلسطيني لمدة 15 دقيقة، وصعقوه بالكهرباء، كما قام أحدهم بإدخال جسم ما فتحة شرج الأسير.
وتحدثت النيابة العامة اليوم جلسة استماع حول طلب الوزارة تمديد حبس العسكريين. ويشتبه قيامهم بمهاجمة شرطي من حماس تم اعتقاله غزة ونقله إلى منشأة سدي تيمان العسكرية.
وبحسب التحقيق فإن ثلاثة جنود، بينهم جنديان احتياط وقائدهم، اقتربوا من الأسير النائم وأيقظوه وأوثقوه بالحائط.
وبعد سقوط السجين على الأرض، انضم جنود آخرون إلى أحد المشتبه بهم وضربوا السجين بعصا لمدة 15 دقيقة. وقيل للمحكمة إنهم جروه إلى الأرض وصعقوه بمسدس الصعق.
و هذه المرحلة “قام أحد الجنود بإدخال شيء ما شرج الأسير، وهدده إذا اشتكى للسلطات من الحادثة”.
وأوضح النائب العام أن الأدلة القضية مبنية على 100 شهادة منفصلة، وطلبت الوزارة بقاء الجنود الخمسة الخاضعين للإقامة الجبرية تحت هذه القيود لمدة أسبوعين آخرين.
وبحسب الصحيفة فإن التحقيق القضية سينتهي على الأرجح قريبا.
و أواخر الشهر الماضي، بعد اعتقال تسعة جنود القضية، احتج نحو 200 شخص خارج قاعدة عسكرية وسط إسرائيل، حيث تقع المحكمة العسكرية، مطالبين بالإفراج عن الجنود. واقتحم المتظاهرون القاعدة، كما دخلوا مبنى المحكمة العسكرية.
أبعد من الخيال
ولا يزال مخيم سدي تيمان، حيث تحتجز إسرائيل السجناء، يتعرض لكل أنواع “التعذيب”. الليل ليس ليلاً ولا النهار هو نهار.
وكانت القاعدة السابق ثكنة غامضة، لكنها أصبحت الآن موقع استجواب مؤقت وبؤرة رئيسية للادعاءات بأن الجيش الإسرائيلي أساء معاملة الفلسطينيين الذين اعتقلهم من قطاع غزة منذ اندلاع الحرب أكتوبر الماضي.
وقبل أشهر، زارت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الموقع وأجرت تحقيقا استمر ثلاثة أشهر، التقت خلاله بأسرى سابقين وعسكريين إسرائيليين وأطباء وجنود خدموا هناك.
و التحقيق الذي اطلعت عليه ، تقول الصحيفة الأميركية إن “سدي تيمان امتلأت، منذ اندلاع الحرب، بالمعتقلين معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي، المحتجزين دون تهمة أو تمثيل قانوني”.
وتحتجز إسرائيل هذا المعسكر العديد من الفلسطينيين المعتقلين غزة خلال الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وتقول منظمات حقوق الإنسان والسجناء المفرج عنهم إن الظروف المنشأة خطيرة، وأن سوء معاملة الجنود الإسرائيليين أمر شائع.
التماس للإغلاق
وتزامن نشر الديو مع نظر المحكمة العليا التماس لإغلاق هذا السجن العسكري الصحراء.
وتصاعدت الدعوات لإغلاق السجن أواخر يوليو/تموز، عندما اعتقلت الشرطة العسكرية الإسرائيلية عشرة جنود للاشتباه تورطهم الاعتداء الجنسي على معتقلة فلسطينية المنشأة.
وبحسب ما قال المحامي ناتي روم لوكالة أسوشيتد برس، فقد تم اعتقال الجنود بعد حوالي شهر من “الهجوم”.
وقبل أسابيع، أعلن الجيش الإسرائيلي أن المدعين العسكريين أكدوا أن الأدلة المقدمة القضية “تشير إلى وجود شبهة معقولة بارتكاب هذه الأعمال”. بدون التعليق على الديو.
وهو ما أكده اليوم المدعي العام للجيش الإسرائيلي بكشفه التفاصيل الرهيبة التي تعرض لها الأسير الفلسطيني.