جوزاف عون الرئيس: القرار وإرادة العمل‏

admin10 يناير 2025آخر تحديث :

بعد دورتين انتخابيتين لم تخلوا من المفاجآت والمناورات، انتخب قائد الجيش العماد جوزاف عون، كما كان متوقعاً، رئيساً للجمهورية. وخصصت الفرصة التي منحها رئيس مجلس النواب نبيه بري لمدة ساعتين للتداول وطلب التوضيحات المتعلقة بمستقبل العلاقة بين الثنائي الشيعي والعهد الجديد، والتي تتناول عددا من القضايا الدقيقة والحساسة التي تمس مواضيع حيوية ومصيرية ذات صلة. التوضيحات هي أشبه بالضمانات التي يرى بري أنها يجب أن تكون متاحة لتسير الأمور في المسار الصحيح. وأشار الاجتماع الثاني، الذي تولى فيه العماد عون الرئاسة، إلى التوصل إلى اتفاق وأن البلاد ستدخل مرحلة تعاون بين مختلف المكونات السياسية للخروج بنهاية نهائية للأزمة المتكشفة.

لم يكن انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية مفاجأة، ولم يدخل اسمه الساحة السياسية. وكان يستخدم على نطاق واسع قبل حرب «طوفان الأقصى» و«دعم غزة». المعركة ومن ثم الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان وما خلفته من دمار هائل. هذه التطورات الدراماتيكية عززت القناعة العربية الدولية بانتخابه لأنها وجدت فيه صفات رجل هذه المرحلة ولأنه كان وفداً من المؤسسة العسكرية التي حافظت ووفرت التماسك خلال السنوات العجاف التي مرت على لبنان في مواجهة التحديات مع الصمود.

الرئيس جوزف عون هو قائد الجيش الخامس الذي ينتخب رئيساً للجمهورية، وصادف أن ثلاثة منهم على الأقل وصلوا إلى هذا المنصب بعد أحداث غير عادية هزت الوطن، استناداً إلى الوضع القانوني والوطني لمن اختارتهم المؤسسة. . ولا يوجد أي دليل في السجل الشخصي أو العسكري للرئيس المنتخب على أنه يمكن احترامه والاعتراف بنزاهته. ومن يعرفه جيداً يعتقد أنه بعد أداء القسم، وبما أنه على رأس الجيش، يقف إلى جانب كل لبنان واللبنانيين، وأنه لن يسمح للأهواء أو الحسابات الضيقة أن تغزو أسلوبه في السياسة. التعامل مع الملفات والمشاكل. ولن يكون اختياره ذريعة لأي تفسير يسعى أحد الأطراف إلى ترويجه بادعاء انتصار فئة على أخرى أو انتصار فئة على أخرى، لأن الكتاب سيكون هو العامل الحاسم والحكم في اتخاذ القرار. عملية . على غرار سلفه الرئيس فؤاد شهاب الذي كان يحب تسمية الدستور بـ«الكتاب». وعلى هذا الأساس فهو يساوي من خاض نضاله منذ اللحظة الأولى، ومن وجد أن اهتمامه بالانتخابات يتداخل مع الأجواء الخارجية والداخلية التي رافقت المطالبة، ومن عارض اختياره. وقبل بفكرة مسبقة وصمم العواقب التي ستترتب على منصبه.

وأمام الرئيس الجديد عدد من القضايا الملحة التي لا يمكن تأجيلها، وأهمها الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة في الجنوب تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير، والذي لا ينبغي أن يكون موجوداً إلا ويتبقى يوم آخر بعد 27 كانون الثاني (يناير) من هذا العام، لأن رفض إسرائيل سيوفر ذريعة للمقاومة لاستئناف عملياتها تحت عنوان “المواجهة مع الاحتلال”، وهي ذريعة مشروعة استناداً إلى القانون الدولي. وهذا يعني العودة إلى دائرة العنف والتوتر. وهناك عمل آخر لا يقل أهمية عن ذلك، وهو إعادة بناء ما دمرته إسرائيل، وهو ما وعدت به دول أجنبية وعربية كانت الداعم الرئيسي لانتخابها. إن عدم احترام الاتفاقات والوعود ستكون له تداعيات سياسية واجتماعية لن تخدم العصر الجديد كما يبدأ.

إضافة إلى ذلك فإن مسألة إعادة إعمار الدولة وانتشالها من أنقاضها ستكون الاهتمام الأول بدءاً بتشكيل حكومة برئاسة شخصية إصلاحية قادرة على الانسجام والتفاهم مع رئيس ووزراء الدولة. وخارج منطق المحاصصة الذي ساد في حكومات ما بعد الطائف، المعروفة بالكفاءة والنظافة، الهدف هو إطلاق «ثورة» شاملة ضد إدارات وسلطات الدولة المهملة التي تفعيل السلطات الرقابية وإصلاح القضاء من خلال ضمان استقلاليته. في القانون الحديث لا يوجد مجال للرعاية. لكن الأهم هو إعادة الثقة بالنفس لدى الشباب الذين تركوا لبنان قسراً ويائساً في وطنهم وإقناعهم بالعودة واستخدام عقولهم وطاقاتهم لخدمته وتطويره إلى بلد حديث وإثبات ذلك. فهي لا تزال مليئة بالإمكانيات إذا استثمرنا جيداً في قدراتها واستفدنا من ثرواتها المتنوعة.

هناك مشكلة تستحق الاهتمام، وهي مسألة الودائع والخوف من فقدانها نهائياً وحرمان أصحابها منها عبر صكوك واتفاقيات تشرع عدم تحصيلها باقتطاع نسب كبيرة منها. وهي قضية حيوية تمس معظم اللبنانيين.

ولا يخفى على أحد أن جوزف عون لا يحمل فانوساً سحرياً ولا يحمل خاتم «شابك». يسأل فيطاع، أو يسأل فيجاب له في الحال، لكنه من أهل الهمم. وقال المتنبي: «عند الناس فإن الإصرار يأتي العزم». والملفات أمامه كثيرة والمشاكل معقدة والخيوط متشابكة، لكن الأهم أن إرادة العمل موجودة ولا يقوم. وستحدث المعجزات عندما يواجه مقاومة شرسة كتلك التي واجهها أسلافه قبل وأثناء وحدة الطائف، والمطلوب في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة هو تعاون جميع الأطراف، لأن الأمة هي التي بحاجة إلى الإنقاذ، ولن يتمكن أحد منهم من اختراق ريشه إذا تم قمع المسيرة. الرئيس جوزف عون واسع الأكتاف وصلب في مواقفه والتحدي يعني كل لبنان وكل اللبنانيين، وسيكون كذلك لأنه ابن مدرسة تدرك حجم ما يمثله لبنان وما تمثله وحدة لبنان. أبنائه يعني

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة