ولسوء الحظ، كان يُنظر إلى لبنان في العقود الأخيرة على أنه «كائن» ولم يكن مسؤولاً بشكل مستقل عن مصيره وسياسته وأمنه وحتى رؤيته الاقتصادية والمالية والنقدية.
واليوم، بعد الإطاحة بالنظام السوري بعد ما يقرب من 54 عاماً من الحكم الاستبدادي والديكتاتوري الصارم، هناك فرصة فريدة لاستعادة استقلال لبنان الحقيقي وتحويله من كائن إلى فاعل حقيقي وسيادي.
تغيير النظام في سوريا سيكون له تداعيات عديدة على لبنان والمنطقة، وسنركز على الجانب الاقتصادي.
ولا يخفى على أحد أن التبادل التجاري الرسمي بين لبنان وسوريا كان صغيراً جداً وأساس التبادل كان يعتمد على السوق الموازية والتهريب والإعلان وحتى الفساد وتمويل الإرهاب.
لقد حان الوقت لإقامة تبادل تجاري شفاف ورسمي بين البلدين لتطوير الاقتصاد الأبيض بدلاً من الاقتصاد الأسود القائم.
وستكون الأولوية لاحترام الحدود وإعادة بناء اقتصاد حر رسمي وشفاف. ويجب على البلدين تأكيد قرار بناء اقتصاد مستقل ضمن رؤية واضحة.
أما حلمنا الثاني الذي لم نكن حتى نتصوره في تحويل لبنان من كائن إلى فاعل، فهو انتشار الجيش في كل الأراضي اللبنانية ليكون الحامي الوحيد للشعب والوطن والحدود ويكون متفرداً به. حمل السلاح والدفاع عن الوطن.
ومن أجل تحويل لبنان من كائن إلى فاعل، فإن الأولوية القصوى هي احترام الدستور والآجال الدستورية واستعادة دولة القانون والمؤسسات ودولة الإنصاف والعدالة والمساواة لجميع الناس في هذا البلد.
يجب أن ننتخب رئيساً جديداً للجمهورية في 9 كانون الثاني/يناير 2025، في ظل احترام الدستور والديمقراطية، ومن ثم البدء بالمشاورات لتعيين رئيس وزراء ومن ثم وزراء بمشروع ورؤية واضحة لإعادة البناء وتعزيز الدولة. الدولة واستعادة الثقة وبناء التنمية الحقيقية والمستدامة.
لتحويل لبنان من كائن إلى فاعل، لا بد من الإعلان الوزاري على هذه الأسس الواضحة، بعيداً عن منطق الدويلات والسلاح.
يقف لبنان اليوم على مفترق طرق، وأمامه الفرصة الذهبية الأخيرة لبناء دولة حقيقية ومستقلة وقوية أو ترك الانقسامات الكارثية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن.
لقد اكتمل جزء كبير من هذا الطريق الشائك، لكن الجزء المتبقي مسؤولية اللبنانيين في أن يحفروا بالأيدي والأظافر والأسنان ما تبقى من طريق إعادة بناء الدولة قبل الحجر الصحي المدمر والاتفاق على اتفاق موحد، رؤية واضحة ومستقلة، تفصل المصلحة الوطنية عن كافة المصالح الأخرى.
عندما كان لبنان في السلطة، دفع أضعافاً مضاعفة ثمن حرب الدول الأخرى ضده. ولذلك، عليه أن يكون فاعلاً حقيقياً اليوم لبناء السلام والاستقرار حجر الزاوية للمرحلة القادمة.