شبكة علاقات تحكم تصريف الغاز اللبناني

admin28 ديسمبر 2024آخر تحديث :

وفي هذا السياق، لا بد من معالجة الوجهة التي يمكن أن يستخدمها لبنان لتصدير فائض الغاز الطبيعي لديه. فهل سيتمكن من دخول الخريطة الإقليمية والدولية لتصدير هذه المادة الحيوية؟

ولا يمكن الحديث عن الصادرات دون التأكد من حجم الأصول

إن عملية تسييل الغاز الطبيعي، إضافة إلى عملية التصدير، تتطلب خلق احتياطيات غازية كبيرة، لا يمكن التأكد من وجودها في لبنان قبل البدء بحفر الآبار التجريبية، رغم التوقعات الإيجابية الناشئة عن أعمال التنقيب الأولية .

مع الإشارة إلى أن طبيعة الصراع الدائر في المنطقة تنذر بأبعاد واعدة. ومن ناحية أخرى، يجب إنشاء بنية تحتية مناسبة لتمكين الاستثمارات والبناء على نطاق واسع، بما في ذلك الموانئ ومصانع معالجة الغاز ومحطات تسييل وتخزين الغاز اللبناني. وخلاصة القول أن كل هذه الأمور تتعلق بتحقيق الجدوى الاقتصادية لعملية الاستخراج وبيعها للأسواق المحتملة.

الوجهة الأصلية: أوروبا والشرق الأقصى

ومن المتوقع أن يتم تصدير الغاز اللبناني إلى الأسواق الأوروبية بعد تلبية الاحتياجات المحلية، إما عبر خطوط الأنابيب البرية من لبنان إلى سوريا ومن تركيا إلى أوروبا، أو عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال بعد إنشاء محطات خاصة لتسييل الغاز اللبناني. وبينما من المتوقع أن يصل الغاز اللبناني إلى أسواق الشرق الأقصى عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال، فإن بناء خطوط أنابيب تربط لبنان بشرق آسيا أمر مكلف للغاية وغير ممكن من الناحية الواقعية بسبب المسافة الجغرافية الكبيرة بين الطرفين.

ثلاثة خطوط تربط لبنان القريب

ومن الجدير بالذكر أن ثلاثة خطوط أنابيب تربط لبنان بالقرب منه. الخط الأول هو خط “تابلاين” الذي كان ينقل النفط السعودي من “القيصومية” إلى “صيدا” لتصديره إلى أوروبا، وقد توقف هذا الخط عن العمل خلال حرب 1967. أما الخط الثاني فكان يحمل النفط العراقي من كركوك. إلى “طرابلس” بهدف تصديرها إلى أوروبا. كما أوقفت السلطات العراقية العمل على هذا الطريق عام 1976.

أما خط الأنابيب الثالث الذي يراهن عليه لبنان في المرحلة المقبلة من صادرات الغاز، فهو «خط الغاز العربي» الذي يربط لبنان بسوريا والأردن ومصر جنوباً وبتركيا شمالاً. ويتطلب نقل الغاز اللبناني عبر هذا الخط توسيع خطوط الأنابيب من بانياس في سوريا إلى تركيا ومن ثم إلى خط أنابيب بلو ستريم الروسي الذي يصل إلى أنقرة.

تأمين الأسواق أمر ضروري

وتعتبر عملية تأمين الأسواق لتصدير فائض الغاز اللبناني أساسية ضمن استراتيجية تفعيل الأرباح من تطوير الاحتياطي البحري من الغاز الطبيعي وتقديم الحوافز المناسبة للشركات النفطية لتطوير واستغلال هذه الموارد.

الخيار الأول والموضوعي هو أن يستخدم لبنان خطوط أنابيب الغاز الإقليمية لتسويق موارده إلى الدول المجاورة. أمام لبنان خياران للتصدير: الخيار الأول هو تصدير الغاز عبر الأنابيب، والثاني هو تسييل الغاز ونقله بالسفن.

تصدير الغاز عبر خطوط الأنابيب

ولا شك أن الخيار التركي القبرصي يعتبر من أنسب الخيارات لتصدير الغاز اللبناني إلى الأسواق الأوروبية. إن ساحل لبنان الواسع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ​​يجعل من الجغرافيا اللبنانية منافساً قوياً ومباشراً في مجال تسويق الغاز.

إن الشراكة في مجال الطاقة بين موسكو وتركيا في إطار مشروع “السيل التركي” تجعل من لبنان شريكاً لا غنى عنه إذا قرر مد خطوط أنابيب مباشرة بينه وبين تركيا. وبشكل خاص يمكن أن يكون الخط الفاصل بين لبنان وتركيا أحد الخيارات التي يمكن أن تحقق جدوى اقتصادية وبما أن تركيا تعتمد بشكل كامل على الواردات في استهلاكها، فهي تمتلك بنية تحتية وهذا الخيار يمكنه تصدير الصادرات من وإلى السوق التركية وتأمين السوق الأوروبية هناك. .

كما يعتبر اختيار قبرص كممر للوصول إلى السوق الأوروبية خيارا استراتيجيا آخر، نظرا لعلاقات حسن الجوار التي يحتفظ بها لبنان مع هذه الدولة الأوروبية القريبة من حدوده. وسيكون الخيار المنطقي هو مشروع خط أنابيب شرق البحر الأبيض المتوسط ​​لنقل الغاز من شرق البحر الأبيض المتوسط ​​إلى اليونان ومن هناك إلى أوروبا.

ومن ناحية أخرى، يمثل اختيار دول المشرق والخليج العربي خياراً عملياً آخر ضمن مجموعة الخيارات المتاحة للاستفادة من الأسواق الآسيوية والأوروبية، وبالتالي تأمين أسواق خارجية أخرى للاستهلاك. خاصة وأن هناك عدة مشاريع لبناء الخطوط قيد الإعداد في هذا السياق.

تصدير الغاز المسال عن طريق السفن

ونظراً لإمكانية تسييل وبيع الغاز اللبناني، فإن الدولة اللبنانية قد تفكر جدياً في تصدير الغاز المسال إلى أسواق خارج المنطقة عبر النقل البحري. وهذا يتطلب تأمين البنى التحتية اللازمة لتنفيذ مشاريع بناء وحدات تخزين وتغويز عائمة يمكن ربطها وتشغيلها بسرعة، ولماذا لا يتم التطرق أيضاً إلى إنشاء محطات تسييل الغاز في نقطة واحدة أو أكثر على الساحل اللبناني. وهذا من شأنه تعزيز وتوسيع أفق الاستثمارات المتنوعة في قطاع الغاز الطبيعي.

إذا كان إنشاء محطات تسييل الغاز في لبنان غير ممكن، فيجب توفير محطات تسييل بديلة. في هذه الحالة، يمكنك اختيار دولة لديها محطات تسييل. الخيار الأقرب والأمثل هو التوجه إلى محطات تسييل الغاز في مصر والتي تعتبر رائدة في المجال حيث تمثل أكبر محطات تسييل الغاز في المنطقة.

سوف تؤثر سياسة الطاقة على استغلال الثروة

ولذلك، فإن استغلال الموارد النفطية المكتشفة حديثا، وخاصة الغاز، سيمكن من إعادة تنظيم التحالفات بين الدول لخدمة المشاريع المشتركة والمنافع طويلة الأجل.

وفي الوقت نفسه، سيؤدي أيضاً إلى زيادة الضغوط والمنافسة الشديدة بين الدول المنتجة للنفط الجديدة، وخاصة لبنان، الذي يريد تأمين مراكز الأولوية وغزو الأسواق التجارية التي تحقق الاستخدام الأمثل لموارده، وخاصة تلك الأسواق القادرة على ذلك. من العجز في الطاقة، كما هو الحال في السوق الأوروبية. وبات واضحاً أن أي سياسة طاقة تصوغها دوائر القرار في الدولة اللبنانية سيكون لها تأثير مباشر وجوهري على استغلال ثروته النفطية وأيضاً على أساليب توزيع وتصدير هذه الثروة.

وسيناريوهات التصدير مفتوحة أمام لبنان، الذي له الحق في اختيار الوسائل والأساليب اللازمة لتحقيق هذا الهدف، بما يضمن أكبر قدر ممكن من الفوائد الاقتصادية والمالية. خاصة وأن الصراع على هذه الموارد في المنطقة سيشتد قبيل حسم الشراكات، مما يخلق شبكة كبيرة ومعقدة من العلاقات المتداخلة والمصالح المتشابكة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة