مسؤولية كبيرة تنتظر الجيش في منطقة جنوب الليطاني في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار استناداً إلى القرار 1701 الذي يسند للمؤسسة العسكرية دوراً أساسياً في تحديد قواعد المرحلة الجديدة بالتعاون مع قوات اليونيفيل. ويخضع الجيش «تحت التدقيق» وفي بعض الأحيان «تحت الضغط» منذ الإعلان عن الاتفاق، ما يلزمه بزيادة انتشاره تدريجياً في المنطقة الحدودية مع الانسحاب التدريجي لقوات الاحتلال. الانتهاء منها خلال فترة 60 يوما.
ويبدو أن القيادة الإسرائيلية تريد “تفصيل” مهمة الجيش وفق مصالحها وحساباتها “الخبيثة”، من أجل مقارنته بـ”حزب الله” وبيئته وتحويله إلى حارس حدود للوحدة، بحسب قوله. تفسير القرار 1701، وهو ما عكسه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في دعوته الصريحة. وحاول الجيش فرض وقف إطلاق النار وطرد حزب الله من نهر الليطاني.
لكن الواضح أن المؤسسة العسكرية و«الحزب» مصممان على عدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي والاعتماد على العلاقات الممتازة بينهما من أجل تنفيذ الجزء الذي يعنيهما من الاتفاق على أفضل وجه.
واللافت في هذا السياق أن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أكد في خطابه الأخير أن التنسيق بين الجيش والمقاومة سيتم على أعلى المستويات، لافتاً إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يراهن على الخلافات بينهما.
ثم سارع «الحزب» إلى تنفيذ هذه الرسالة الإيجابية بالتصويت في مجلس النواب، إضافة إلى التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، بموجب قانون التمديد للقادة الأمنيين والضباط من رتبة عميد فما فوق. علماً أن «الحزب» كان قد امتنع عن التصويت على التمديد في المرة السابقة. وبالتالي فإن التغيير في قراره هذه المرة، مع تعزيز دور الجيش جنوب الليطاني، كان بمثابة إشارة واضحة إلى مرونته واستعداده للتعاون. وحتى إلى أبعد الحدود مع المؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة.
كذلك بدت قيادة الجيش مهتمة بمواصلة سياسة التنسيق والتواصل مع الحزب على الأرض مع التطبيق الصارم للقرار 1701، خاصة أن الجيش يعلم جيداً أن الشرط الأول لنجاح مهمته هو كسب ثقة الشعب. البيئة التي تعمل فيها ولا تتصرف بطريقة عدائية رغم كل محاولات التحريض عليها.
ويقول مطلعون إنه خلال اجتماع الحكومة الذي حضره قائد الجيش، حاول أحد الوزراء محاصرته عبر طرح السؤال التالي عليه: “كيف ستتصرف لو كنت على الأرض جنوب الليطاني؟ سننسق مع المسلحين”. فأجاب: «ننسق (مع المقاومة) كما فعلنا من قبل».
وبهذا المعنى، يعرف الجيش أن هناك من يريده أن يكون حارس حدود للوحدة الإسرائيلية في مواجهة المقاومة، وأن البعض في الداخل والخارج يريد الصدام بينه وبين «الحزب». لذلك، تؤكد أوساط سياسية مقربة من اليرزة أن «الجيش لن يقبل أي تغيير في دوره أو عقيدته». وأشار إلى تعاون ودعم حزب الله الذي ساهم في نجاح مهمته، وأكد أنه سيعزز وجوده في الجنوب ليس لحماية إسرائيل، بل لحماية لبنان، بغض النظر عن حدوده في هذا الصدد. نظرا لقدراتها المحدودة.
وبحسب المعلومات فإن الجيش ينتظر استكمال الانسحاب الإسرائيلي من الأماكن التي احتلتها الحرب خلال 60 يوماً ليتمكن من استئناف تمركزه السابق في النقاط والمراكز الـ 32 على خط المواجهة بسبب التصعيد في المنطقة. وتيرة العدوان الإسرائيلي لإجلاء القسري.
وبحسب المعلومات، يوجد حالياً نحو 4500 جندي في جنوب الليطاني كانوا متمركزين أصلاً في المنطقة، لكنهم أرادوا القيام بنوع من إعادة التجميع بسبب المتطلبات الميدانية للحرب وسيتم استكمالهم بـ 1500 جندي آخرين. حتى يصل العدد الإجمالي إلى 6000. وسيتم تجهيز 1500 جندي وضابط خلال الأشهر القليلة المقبلة بالمعدات اللازمة للانضمام إلى رفاقهم، مما يزيد من إجمالي القوة اللبنانية المنتشرة في المنطقة. وكان عددهم من 1701 إلى حوالي 7500 رجل.
وتشير أوساط قريبة من اليرزة إلى أن الرقم ليس هو الأساس، بل هو الإرادة لتنفيذ الاتفاق المعلن. وفي هذا السياق، من المهم أن يلتزم الجانب الإسرائيلي بمتطلبات القرار الدولي ويمتنع عن المزيد من الانتهاكات للسيادة اللبنانية.