لمْ يُخطئ مَن انتظر لقاء بايدن ـ ترامب… ولكن

admin16 نوفمبر 2024آخر تحديث :

كانت التوقعات بناء على نتائج اللقاء الذي جمع الأربعاء الماضي سلف الرئيس جو بايدن وخليفته دونالد ترامب، لتحريك الملفات المجمدة في لبنان، صحيحة. وكانوا ينتظرون إشارة من المبعوث الرئاسي عاموس هوشستين لمعرفة نتائج مشاوراته الأخيرة وتأثيرها على مشاريع الحل المقترحة. فحتى لو لم تكن شروط الصيغة القابلة للتطبيق موجودة بعد، فقد تم الكشف عن كثير من المواقف التي كانت غامضة وتم إزالة الغموض الذي كان يحيط بها. هذه هي المؤشرات.

بعد أقل من 24 ساعة على انتهاء اللقاء بين بايدن وترامب في البيت الأبيض، ظهرت السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون في عين التينة في زيارة لم يكن المقصود منها «المتابعة» بعد أن تم تسريبها لاحقاً أنها عرضت على الرئيس نبيه بري «نيابة» هوكستين «النسخة الأميركية» من مسودة الحل بين لبنان وإسرائيل، التي عرضت مخارج دبلوماسية بدلاً من الخيارات العسكرية. لخفض التوترات ووضع حد للصراع بين لبنان وإسرائيل. ونظراً لعدم الإفصاح الرسمي عن طبيعة الصيغة التي قدمها جونسون، اتسعت السيناريوهات المحاكية لمضمونها، وتم الإجماع على أنها تنفيذ القرار 1701 ومتطلباته وفق الآلية المتفق عليها بين واشنطن وتل أبيب، من دون إشارة واضحة إلى المقترحات السابقة التي تضمنها والتي تم تداولها بين بري وهوكشتاين، حيث ربط رئيس المجلس أي بحث لصيغة جديدة بما تم بحثه في محادثاته مع الأميركيين.

وانطلاقاً من هذه التفاصيل التي لا يمكن إغفال أهميتها بالنسبة للجانب اللبناني الذي حتى وقت قريب لم ولن يعترف بما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية من حلول وحلول شكلاً ومضموناً، وقبل أن تصل الصحيفة الأميركية أول أمس الخميس، الذي كانت تنتظره، لا بد من تحديد ماذا سيكون الموقف اللبناني الذي يمكن أن تختتم فصوله نتيجة المشاورات العاجلة بين عين التينة , مسؤولون في حزب الله ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في ظل غياب الحزب. والأمر الآخر، ما لم تظهر وقائع جديدة، هو أن كلاً من بري وميقاتي يمكنهما التمسك بآرائهما، سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي.

وبعلم من يعرف الكثير من التفاصيل، ومن يملك ما يجري في الأماكن المغلقة، ومن يشارك فيه، فإن القنوات المفتوحة بين هذه السلطات المختلفة مخفية، وإذا كانت هناك آليات أخرى، فلم يتم الكشف عنها بعد خارج نطاقها. هذا «الثلاثي» الذي يدير المفاوضات. ولا يوجد ما يشير إلى دور القادة أو الأحزاب الأخرى التي يجب استشارتها قبل تحديد الموقف اللبناني النهائي من أي من بنوده. والآلية المستخدمة حتى الآن غير واضحة ولا تخضع لأي معايير شفافة، بغض النظر عن الدافع وراءها. هناك عدم ثقة لدى بعض الدوائر، في انتظار ما هو مخفي. وتشير التجارب السابقة إلى أن هناك مواضيع ومقترحات ينتظر المفاوضون ردود الفعل عليها دائما. وهي عملية أدت إلى العديد من التسريبات المربكة والغامضة، حتى بين أفراد الطبقة الواحدة، وهي تحتوي على ما يحاكي العواطف والرغبات بدلا من المعلومات، خاصة عندما تنطوي على قرارات وخطوات مؤلمة يجب اتخاذها، ولكن لا يمكن يتم تجاهلها في لحظات الجدية وعند التفاوض مع الوسطاء والأطراف الثالثة.

وبعيداً عن كل المعلومات الرسمية، فمن المنطقي أنه طالما لا يوجد ما يشير إلى قرار جديد، فإن الخلاف حول أساس تفسير القرار 1701 بمختلف جوانبه لا يزال قائماً. وفي هذه المرحلة يتمحور الحديث حول آلية تنفيذه وما يمكن عمله لضمان تنفيذ أحكامه وفق جدول زمني محدد. وذلك لأن المقترحات المطروحة دقيقة، وتكاد تؤدي إلى التزام جميع الأطراف بما ورد في الورقة نفسها، خاصة إذا كانت نتيجة توافق بين بايدن وترامب، حيث اجتمعت بعض الأفكار والعناوين العامة بحيث يكون هناك اتفاق بين بايدن وترامب. وقد تم الإجماع هناك، ولا بد من وجود من يترجمه بطريقة تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات السلف. وذلك لأن هناك من يعتقد اعتقادا راسخا أنه متفق على كثير من هذه الأمور، والخلاف لا يتجاوز الشكليات. عندما يكون الأمر كبيرًا، يتعلق الأمر بإعطاء الأولوية لعنصر واحد على الآخر، لا أكثر ولا أقل. فالاستراتيجية الأميركية لا يصممها شخص واحد في ظل وجود حكومة عميقة ترسم خطوطا عريضة ولا تسمح بأي مجال يتجاوز الشكليات وطريقة التنفيذ وآلياته.

ويضيف العارفون أن من أشار قبل أيام إلى ضرورة انتظار اللقاء بين بايدن وترامب كان على حق، لأنه من الضروري بالنسبة لهم أن يتعاملوا مع ما يحدث في المنطقة. وتعهد كلاهما باتخاذ كل خطوة من شأنها أن تؤدي إلى خفض التوترات ووقف إطلاق النار، ويبقى أن نرى ما إذا كان يمكن منح لبنان مهلة لتنفيذ بعض مطالبه. ما طُرح سابقاً وما لم ينقله المسؤولون اللبنانيون لمواطنيهم قد يكون مهيناً وقريباً من الاستسلام بشكل لا يمكن إخفاؤه. وكانت مهمة الأميركيين تخفيف المشكلة من خلال مقترحات من شأنها أن تقلل من خطورة ما هو مطلوب لوقف العدوان على لبنان.

ومن أجل وقف الحديث عن خلو منطقة جنوب الليطاني من الأسلحة أو المسلحين غير الشرعيين، جاء الاقتراح الأميركي بتوسيع اللجنة الثلاثية التي تدير المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل بقيادة “اليونيفيل” مع إضافة خماسية مراقبون أمريكيون وفرنسيون، أو “سبعة” تضم ممثلين إضافيين من ألمانيا وبريطانيا، على التوالي، لإرضاء طرفي الصراع. مثل هذه الفكرة تثبت بشكل ما أن ما تقوم به إسرائيل لا يزال تحت ستار ما تريده الحكومة العميقة في الولايات المتحدة، التي أرادت من خلاله قطع الطريق على مطلب إسرائيل بإبقاء الأراضي اللبنانية تحت غطاءها الجوي، لمنع أي انتهاك أو انتهاك. تمهيداً لزيادة التسليح وتخفيف عبء ما هو مطلوب من لبنان، وهو ما يمكن أن يبرر أي انحراف عن الاتفاقات ويدافع عن أي خطأ يمكن أن يقع من خلال هذه الآلية قبل التدخل الإسرائيلي المباشر.

أما هذه الملاحظة ونظائرها فلا يمكن التنبؤ بما قالته التفاصيل الأخرى لأن الاقتراحات ظلت طي الكتمان. تؤكد الجهات المعنية على أهمية عدم البت في الخطوة المرتقبة قبل التحقق مما قدمه اللبنانيون. إن الكثير مما يطرح تمليه المشاعر، والاستهانة بجدية بعض الخطوات التي قام بها بعض اللبنانيين، أصبح يشكل خطراً جسيماً عليهم، وعلى واقع الأمور، وعلى مستقبلهم أيضاً. ذلك أن التلاعب بتفسير بعض الأحكام التي ترضي بعض اللبنانيين وتثير عواطفهم، لم يعد لغة عالمية رائجة. إن ما حدث لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه بألاعيب المجتمع الدولي الذكية. لقد بدأت الساعة في الدقائق الأولى، والحديث عن التوازن بين الرعب والردع أصبح شيئاً من الماضي، ولم يعد هناك أي سبب للتهاون في أي وعود فالبنادق ما زالت مرسومه، والعيون لا تزال مفتوحة. ودفتر الحساب مفتوح. لذلك يحظر عدم وجود دواسة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة